[JUSTIFY]قال سماحة مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء، رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، إن الإسلام حرص على أسس التعامل بين المؤمنين بالكلمة الطيبة، والتعامل الحسن، والرفق بالأمور كلها، والبعد عن العنف والشدة والغلظة، وكف الأذى عن الناس عموماً، وفي كتاب الله وسنة رسوله – محمد صلى الله عليه وسلم – يجد المتأمل أسس التعامل واضحة من خلال نصوص الكتاب والسنة.
وتناول في خطبة الجمعة اليوم، بجامع الإمام تركي بن عبدالله، بالرياض، أسس التعامل ومنها التعامل مع الوالدين، وذلك ببرهما والإحسان إليهما، قال تعالى: ((يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ))، ويقول – صلى الله عليه وسلم -: يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام. وقال عليه الصلاة والسلام: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. وفي حديث آخر: ” ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها، ومن صلة الرحم أن تسعى للإصلاح بينك وبينهم”.
وبين “سماحته” أن من الأسس – أيضاً – التعامل مع الزوجة بأن يعاشرها بالمعروف وأن ينفق عليها، يقول – صلى الله عليه وسلم -: استوصوا بالنساء خيراً. ويقول الله جلّ وعلا: ((وعاشروهن بالمعروف))، مفيداً أن من المعاشرة الإنفاق عليها والصبر عليها، وتحقيق رغباتها العاطفية بما لا يخالف الشرع، في حين أن للزوج حقاً على زوجة بالطاعة بالمعروف والصبر على ما قد يحصل من أخطاء، فالصبر يؤدي إلى استقامة الحال، كذلك التعامل مع الأولاد بتربيتهم والنفقة عليهم، وتقوية الصلة بين بعضهم البعض بالمعروف ونهيهم عن المنكر والأمر بالأعمال الصالحة بالقول والعمل، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)).
وعرج سماحة المفتى على حسن التعامل مع الأقارب من خلال صلة الرحم، وتفقد أحوالهم والاهتمام بشأنهم وقضاء حوائجهم والصبر على ما يظهر منهم، والاستعانة بإصلاح قلوبهم وإبعاد كل نزاع يحث على القطيعة.
وأشار إلى أن من أسس التعامل في الحياة العامة، مع الأصحاب بالحسنى والغض عن بعض هفواتهم، والمناصحة لإبعادهم عن الشر، وحثهم على الخير، ومصاحبة من فيه خير لك في أمر دينك ودنياك، والبعد عن مصاحبة من لا خير فيه، وأن يكون المسلم صادقاً في صحبته ناصحاً لغيره يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
وقال الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، في خطبته التي تناولت أسس التعامل بين أفراد المجتمع المسلم: “من صور التعامل مع زملاء العمل أداء الواجب، وعدم التطلع إلى ما في أيدي الناس، والتعامل مع الضعفاء والمساكين بالإنفاق عليهم، والإحسان إليهم ومواساتهم، وبالرفق بهم حتى لا يضطروا إلى سؤال الآخرين، والتعامل مع كبار السن، وفي ذلك يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم -: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا)، فإن إكرامك يزيدك وقاراً وخيراً، فلتُؤد حق الكبار والمسنين ولتُحسن إليهم يحسن الله إليك”.
وأضاف: “من حسن التعامل كذلك التعامل مع الباعة والمشترين في محلات البيع وذلك بالصدق والأمانة، وعدم الغش والخيانة، يقول صلى الله عليه وسلم: (البيِّعانِ بالخيار ما لم يتفرَّقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما). وكذلك التعامل مع العلماء واحترامهم وتوقيرهم وعدم الطعن فيهم، وهذا أمر لا يجوز”.
وأكد “سماحته” أن التعامل مع السلطان وأولي الأمر له حق السمع والطاعة، والتعاون معه في سبيل الخير والصلاح، والكف عن ذكر المعايب والنقائص فإنها خطر كبير، ويجب الدعاء لولي الأمر بالتوفيق والسداد، وكذلك النصح والتعاون يقول الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ))، فالطاعة في المعروف، هذا كله من واجبات الإسلام.
وقال: “إن التعامل مع الناس أن تنزل كلاً منزلته، ومن المنزلة واحترامها ما ذكره النبي – صلى الله عليه وسلم -: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن. ومن التعامل أيضاً تعاملك مع من يُخشى شره ولا يُرجى خيره، قال – صلى الله عليه وسلم -: يَا عَائِشَةُ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ. فضلاً عن أن تعاملهم بمثل ما تحب أن يعاملوك به”.
وحث “سماحته” المسلمين بأن يكون التعامل بأخلاق الإسلام في كل المجالات، فالإنسان إذا أدى ما عليه من حقوق صار الناس كلهم بخير.
وقال: “حسن التعامل من أسباب التوفيق والمحبة والمودة بين المسلمين، ومن ذلك البعد عن الخصومات، والدعاوى الكيدية التي لا حاجة لها، فكم يبنى من ظنون سيئة من الدعاوى الكيدية وظلم الناس، وأخذ حقوقهم، فهذا عدوان، ومن أسباب التوفيق البعد عن الخصومات وأسباب الغضب، فابتعد عن ذلك وعامل الناس بالخلق الحسن، يقول صلى الله عليه وسلم: “اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا, وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ”، فإن الخصومات والإكثار منها مما يزيد من حقد القلوب، موصياً بتقوى الله، والبعد عن الخصومات.[/JUSTIFY]