شهد التعليم الجامعي للمرأة السعودية في السنوات الأخيرة تطوراً هائلًا على المستويين الكمي والنوعي، سواء فيما يتعلق بالبرامج التطويرية أو المبادرات النوعية أو الخطط الاستراتيجية, وذلك بفضل الله تعالى ثم بفضل دعم ولاة الأمر – حفظهم الله – للمرأة منذ تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -، بغية تعزيز مكانتها في المجتمع.
وسعت وزارة التعليم بشقيها العام والعالي إلى تذليل الصعاب أمام تميّز المرأة السعودية في مختلف مراحل التعليم، لتنهض بمستواها العلمي والفكري وتؤكد حضورها على خارطة التنمية الوطنية، مدفوعة بتوجيهات سديدة من الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله – الذي وافق مؤخرًا على استحداث جائزة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن للتميّز والريادة النسائية في المملكة، من أجل تشجيع المرأة على الريادة العلمية محليًا وخارجيًا.
ومثلت المرأة ما نسبته ( 51.8% ) من عدد الدارسين المسجلين في الجامعات السعودية، وحققت زيادة مشهودة في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي في تخصصات لم تكن متاحة لهن في السابق من الدراسات العليا, بينما في مرحلة البكالوريوس لوحظ زيادة في أعداد الطالبات الملتحقات حيث بلغ عددهن عام 2013م في الجامعات الحكومية ( 551.192 ) طالبة ، في حين كان عددهن عام 2012م ( 511.593 ) طالبة .
ولم يقتصر تعليم المرأة على الجامعات السعودية الحكومية وحسب، إذ اسهمت التعليم الجامعي الأهلي في توفير التعليم العالي للمرأة ، وبلغ عدد الملتحقات في مرحلة البكالوريوس عام 2013م ( 33.686 ) طالبة، بينما كان عددهن عام 2012م ( 26.589 ) طالبة , وتأتي هذه الزيادة في عدد الملتحقات بالدراسة الجامعية الحكومية والأهلية ، إيماناً من المملكة بأن تنمية الموارد البشرية من الذكور والإناث تشكل عنصراً رئيساً في مسيرة التقدم لكل أمة ، لأنها حجر الزاوية في تشكيل القدرات الفكرية والمهارات التي يستند إليها التغيير والتطوير.
جاء ذلك في إحصائية لوزارة التعليم خصّصت لمجال تعليم المرأة السعودية في التعليم العالي، واطلعت “واس” على نسخة منها، وبينت الاحصائية أن عدد الملتحقات بالتعليم الجامعي الحكومي والأهلي في مرحلة البكالوريوس بلغن (551.192 طالبة) بينما عدد الطلاب (513.688 طالباً), أما في الجامعات الأهلية فقد شكلن نسبة ( 49% ) من أعداد المسجلين فيها.
وفتحت وزارة التعليم للمرأة حرية اختيار التخصص الجامعي الذي يتناسب مع رغباتها وميولها بما يحقق طموحاتها بالمشاركة بفعالية في تنمية الوطن وتحقيق أهداف خطط التنمية في المملكة العربية السعودية ، ولذلك توسعت في افتتاح الأقسام العلمية في الجامعات السعودية بتخصصات متعددة ، فقد بلغ عدد المجالات الدراسية المتاحة لها فيها ( 22 ) مجالاً , وأصبحت المرأة تدرس في تخصصات علمية كانت في فترة زمنية حكراً على الرجل، كالهندسة، والعمارة، والإعلام، والقانون، والزراعة، وحماية البيئة.
وشهد القبول في الدراسات العليا في المملكة توسعاً ملموساً تلبية من وزارة التعليم لرغبات خريجات الجامعات في مواصلة دراستهن العليا ، وتحقيقا لأهداف خطة واحتياجات التنمية وسوق العمل , فقامت وزارة التعليم بتوفير جميع الإمكانات اللازمة من برامج الدراسة الصباحية والمسائية كلن بحسب ظروفه ، وبلغ عدد الملتحقات في برامج الدراسات العليا عام 2013م ( 24,498 ) طالبة بزيادة عن عام 2012م الذي بلغن فيه ( 19.364 ) طالبة.
وفي سياق متصل، وصل عدد طالبات الدراسات العليا في الجامعات الحكومية للدبلوم العالي (6356 ) طالبة , وفي الماجستير ( 16.221 ) طالبة , وفي مجال الدكتوراة ( 1.744 ) طالبة, وفي برنامج الزمالة بلغ عددهن ( 177 ) طالبة, فيما بلغن في الجامعات الأهلية للدبلوم العالي (2.771 ) طالبة ، وفي تخصصات علمية متنوعة في حين كان عددهن عام 2012م, (1.480 ) طالبة.
ومنذ انطلاق برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي عام 2005م، سعت وزارة التعليم إلى شموله وتنوعه لأبناء المملكة من الجنسين، وشجعتهم على الاستفادة من البرنامج ، فبلغ عدد الطالبات المبتعثات للدراسة في مختلف المراحل عام 2014م ( 35.537 ) طالبة ، في حين كان عددهن عام 2013م ( 33.843 ) طالبة.
واهتمت الوزارة بأن يشمل الإبتعاث جميع المراحل التعليمية ، وهي البكالوريوس ، والماجستير، والدكتوراه، والزمالة الطبية، وبلغ عددهن لدراسة البكالوريوس ( 13.354 ) طالبة ، والماجستير ( 15.696 ) طالبة، والدكتوراة ( 3.206 ) طالبة، والزمالة الطبية ( 793 ) طالبة في حين بلغ عدد المبتعثات لدراسة اللغة والدبلوم و الدبلوم العالي ( 2.488 ) طالبة .
وعلى الرغم من الزيادة المطردة في أعداد الطالبات إلا أن وزارة التعليم وسّعت قاعدة دول الابتعاث لتشمل أفضل الجامعات العالمية في مختلف دول العالم ، وذلك بهدف رفع المستوى العلمي للمبتعثات وتطويره ، وتنويع المدارس التعليمية لتحقيق أكبر فائدة علمية ، إضافة إلى تبادل الخبرات العلمية والتربوية والثقافية مع مختلف دول العالم.
ويدرس الطالبات السعوديات في ( 57 ) دولة، تأتي الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمة دول الابتعاث إذ يدرس فيها ( 18.221 طالبة ) ، تليها أوروبا بـ ( 6.754 ) طالبة ، ثم كندا ( 2.923 ) طالبة، ثم أستراليا ونيوزلندا بـ ( 1.445 ) طالبة ، أما الدول العربية مجتمعة فتدرس فيها ( 5.369 ) طالبة ، فيما دول شرق آسيا ( 812 ) طالبة ، كما في أفريقيا ” جنوب أفريقيا وكينيا ” ( 13) طالبة .
وتركزت التخصصات الأكاديمية الحديثة للطالبات في التربية ، والدراسات الإنسانية ، والفنون والعلوم الاجتماعية ، والأعمال الاجتماعية ، والقانون ، والعلوم ، والهندسة ، والصناعات الإنتاجية والبناء ، والزراعة ، والصحة ، والخدمات الاجتماعية ، والخدمات , ويلاحظ أن المرأة السعودية تمكنت من الدراسة خلال فترة وجيزة في مجالات علمية لم تكن متاحة لها في السابق فبلغ مجملها ( 35,537 ) طالبة.
وتجاوز عدد الخريجات الإناث على الذكور في البرامج التعليمية الحكومية والأهلية الداخلية لعام 2013م إلى ( 67.556 ) خريجة مقابل ( 51.268 ) خريجاً , وبهذا حققت المرأة السعودية ولله الحمد أهداف خادم الحرمين الشريفين للإبتعاث الخارجي من خلال إنهائها البرنامج في أفضل الجامعات في العالم ، وحصولها على الدرجة العلمية التي ابتعثت من أجلها حيث وصل عدد الخريجات لعام 2013م ( 1.912 ) طالبة .
وسعت المملكة إلى تسهيل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل بالقطاع الحكومي و الخاص ، فشهد دورها تطوراً كبيراً في هذا المجال ، بفضل الله ثم ما توليه وزارة التعليم من عناية ودعم لتهيئة الكوادر البشرية النسائية السعودية للعمل في الجامعات السعودية ضمن أعضاء هيئة التدريس أو من خلال البرامج الأكاديمية داخل المملكة وخارجها ، لتحل وزارة التعليم بذلك مشكلة عانت منها الجامعات السعودية في السابق والمتمثلة في النقص الكبير في الكادر النسائي التعليمي ، فتحققت من خلال هذه الجهود زيادة سنوية ملموسة.
وبلغ إجمالي عدد أعضاء هيئة التدريس من الإناث خلال عام 2013م، ( 15.032 ) منهن (132) برتبة أستاذ، و(631) برتبة أستاذ مشارك ، و(2.174) برتبة أستاذ مساعد , و (3.547 ) برتبة محاضرة ، و(8.452) برتبة معيدة ، و(67) بمسمى مدرسة ، و(29) أخرى , أما إجمالي عدد الكادر البشري النسائي المساند في الجامعات السعودية والذي يشمل الإداريات والعاملات في المجال الصحي ، والمستخدمات خلال العام نفسه ، فبلغ (25.846) منهن (22.596) يعملن في المجال الإداري ، في حين أن (2.163) يعملن في المجال الصحي، و(1.087) يعملن مستخدمات .
ومن أجل استقلالية تعليم المرأة من خلال تهيئة بيئة تعليمية مناسبة لخصوصيتها، أنشأت الدولة جامعة خاصة للبنات ومدن جامعية للبنات تتبع الجامعات الكبرى, فعلى مساحة قدرها (8) ملايين متر مربع افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – المدينة الجامعية لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن لتستوعب نحو (40 ) ألف طالبة لتكون بذلك الجامعة الأولى للبنات على مستوى العالم , وتضم مكتبة مركزية ، ومركزاً للمؤتمرات، ومعاملا ، ومستشفى جامعياً بسعة (700) سرير في جميع التخصصات الطبية مع المختبرات الجامعية.
وتوفر جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن تسهيلات للبحوث والباحثين من خلال تخصيص جزء من المدينة الجامعية كمنطقة للأبحاث في الجامعة لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية , حيث أقيمت عليها ثلاثة مراكز أبحاث علمية متخصصة ، أحدها لتقنية النانو، والثاني لتقنية المعلومات ، والثالث للعلوم الحيوية .
وتضم الجامعة وحدات سكنية لأسر منسوبي الجامعة وهيئة التدريس ، وسكناً خاصاً بالطالبات , كما تضم المنطقة مسجداً ، وجامعاً ، ومدارسا للتعليم العام بمراحله الثلاث ، ورياضاً للأطفال للبنات والبنين ، ومرافقا ترفيهية متكاملة ومغلقة خاصة بالأسر والطالبات ، ونظام نقل حديث وملائم للمدينة الجامعية يتمثل في قطار مبرمج بتوقيت دقيق، ورحلات متكررة على مدار الساعة ، تغطي جميع مرافق المدينة الجامعية .
كما أنشأت الدولة مدينة جامعية للطالبات باسم “مدينة الملك عبد الله بن عبد العزيز” في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بمساحة قدرها (3.800.000) م2، وتربط المنطقة التعليمية للطالبات بالمنطقة التعليمية للطلاب من خلال شبكة اتصالات إلكترونية تيسر نقل المحاضرات، وتضم عدة مبان تعليمية رئيسة تستوعب (35.000 ) طالبة ، بينما تضم قاعات تدريس بفئات مختلفة تتراوح سعتها بين (20) و(40) و(75) و(125) طالبة ، إضافة إلى المعامل ، كما يضم المبنى قاعة محاضرات رئيسة مدرجة .
وأنشئت مدينة جامعية للطالبات تتبع جامعة الملك سعود بالدرعية بمساحة (1.232.000) م2، لتستوعب (30.000) طالبة ، وتضم (12) كلية ، منها ( 5 ) كليات صحية تشمل : الطب ، وطب الأسنان ، والصيدلة ، والعلوم الطبية التطبيقية ، والتمريض، فيما تشمل الكليات العلمية العلوم ، والحاسب والمعلومات ، أما كليات العلوم الإنسانية فتشمل كلية الآداب ، والتربية ، وإدارة الأعمال ، واللغات والترجمة ، وكلية الحقوق والعلوم السياسية ، كما تم إنشاء مركز أبحاث للطالبات يعد الأحدث والأكثر تطوراً وشمولاً على مستوى الجامعات السعودية.
وبهذا استطاعت المرأة السعودية من خلال الدعم اللامحدود والتشجيع الذي تلقاه من قبل حكومة المملكة أن تحقق تميزا علميا وبحثيا في مجالات علمية مختلفة وأن تتبوأ أعلى درجات العلم والتفوق والتنافس بين نظائرها على المستوى العربي والعالمي , ولقد منحت المرأة السعودية لنفسها مقعدا متقدما في أكبر الجامعات المحلية والعالمية واستطاعت من خلال ذلك لفت أنظار المراقبين الدوليين بمنجزاتها الرائدة في مجالات العلوم والبحث العلمي .