صرح الناطق الإعلامي في الشؤون الصحية بمكة المكرمة، عبدالوهاب شلبي، أنه تم إقالة مدير مستشفى الملك فيصل بالششة وعدد من مديري الأقسام والممارسين الطبيين، بعد واقعة تعفن جثة الطفلة زهرة، مالية الجنسية والبالغة من العمر 10 سنوات، و أوضح أنه لم يتم حتى ساعة إعداد هذا الخبر، تعيين مدير جديد للمستشفى .
وبرر شلبي افتقار المستشفى لثلاجة للموتى، لكونها تخضع للتجديد والتطوير، وأن الثلاجة من ضمن خطط البناء في المرحلة الثانية والجاري العمل بها حاليا، مشيرا إلى أنه يتم تحويل جثامين الموتى إلى ثلاجة المعيصم ريثما يتم الانتهاء من بناء ثلاجة المستشفى الخاصة.
وكانت «مكة» تواجدت في مستشفى الملك فيصل بالششة، منذ صباح أمس، للقاء المدير الطبي المناوب إلا أنه لم يكن متواجدا بحجة جولته في المستشفى والتي لم تنته حتى صلاة الظهر، وفيما وضح غياب الكوادر الطبية والتمريضية والإدارية في قسم الطوارئ، انبرى رجال الأمن لمساعدة الكوادر التمريضية والطبية، باستقبال المرضى وتوزيع الأرقام عليهم، والمناداة على أسمائهم، ومساعدتهم في الوصول إلى العيادات إذا تطلب الأمر.
وفي ثلاجة الموتى بالمعيصم تبين وجود إهمالا جليا في المحافظة على بيانات الموتى أولا، وآلية العمل وحتى أدوات التغسيل والتكفين، وغياب الحراسات الأمنية، إلى درجة ترك أبواب غرف التشريح مفتوحة، في حين كانت تقارير التشريح ملقاة على أحد المكاتب التي دخلتها الصحيفة بحثا عن المدير دون جدوى.
وبعد مضي ما يقارب الساعة التقت «مكة» أحد الموظفين صدفة وهو يهم بالمغادرة وسألته عن مدير الثلاجة، فأكد أن مدير الثلاجة بمستشفى الملك فيصل بالششة، وفي طريق الخروج كانت صهاريج الصرف الصحي، تسقي ورود الثلاجة اليانعة، وروائحها تعبق في المكان بدلا من روائح السدر والكافور.
يذكر أن الطفلة زهرة توفيت طبيعيا في 27 من شهر رمضان الماضي، وهو ذات اليوم الذي رحل والدها فيه، حيث تعفنت جثتها في غرفة تكفين الموتى بعد مضي أربعة أيام عليها بسبب التحقق من أوراق ذويها، إلى أن اشتم المدير المناوب روائح عفنة في الغرفة أثناء جولته في المستشفى.
والتقصير يعفن جسد زهرة
في حين لم تبلغ الحلم بعد، أسلمت الطفلة المالية زهرة روحها لبارئها في ليلة الـ27 من رمضان، ورفرفت بجناحيها الصغيرين هاربة من الألم الذي لم يمهلها طويلا.
لا تحزني يا أم زهرة، كلهم كانوا مشغولين والقرار القاضي بإعفائهم يثبت وجود قصور في أداء المهام، وجثمان ابنتك متروك وحيدا في ظلمات «الششة»، ولعل القدر اختارها لتكون من يضيء النور في ثلاجة الموتى بالمستشفى الذي توفرت فيه الإمكانات وغابت فيه المسؤوليات.
يا أم زهرة صبرا، فربما تتغير الموازين، فتكون الفوضى في مستشفى «الششة» بعيد رحيل صغيرتك، ورياح فوضاها العاتية، العاصفة التي تسبق الهدوء، خاصة.
مدير الشؤون الصحية في منطقة مكة المكرمة، الدكتور مصطفى بلجون، رمى بتساؤلات «مكة» على طاولة موظفي إدارته قائلا «أليس لدينا في أيام الإجازة مرضى؟»، حيث غاب أمس المسؤولون بالمستشفى في ظل غياب الإدارة بعد إعفاء المدير السابق في انتظار أن يحسم مدير صحة مكة الأمر ويعين المدير الكفء، الذي يعيد الموازين إلى نصابها.
هذه الحادثة كشفت ضعف القواعد الإدارية الطبية في المستشفى، حيث استمر القصور في قسم ثلاجة الموتى الذي ظل بلا رقابة حتى أمس وغابت الإدارة المناوبة في يوم الإجازة وبقيت الحراسات الأمنية في منأى عن رقابة الثلاجة التي تحوي جثث المتوفين، وتجاهلت إدارة المستشفى الحادثة التي لا تزال التحقيقات مستمرة في ملابساتها.