كشفت منظمة حقوقية أميركية جانبا من السرية التي أحاطت برنامج وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) الخاص بتسليم المعتقلين وتعذيبهم في السجون السوداء، مؤكدة أن 54 دولة استضافت سجونا سرية أو ساعدت في نقل أو تعذيب أشخاص يشتبه في كونهم “إرهابيين” بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول عام 2011.وجاء في تقرير لمنظمة “مبادرة عدالة المجتمع المفتوح” التي تتخذ من نيويورك مقرا أن حكومات 54 بلدا أجنبيا شاركت في هذا البرنامج بأساليب مختلفة بما في ذلك فتح سجون سرية على أراضيها والمساهمة في القبض على المشتبه بهم ونقلهم واستجوابهم وتعذيبهم وتقديم المعلومات الاستخباراتية وفتح مجالها الجوي للرحلات السرية.
وأورد تقرير المنظمة الذي نشر أمس الثلاثاء بالتفصيل حالات 136 ضحية معروفين تم احتجازهم سرا قائلة إن “المسؤولية عن الانتهاكات لا تقع فقط على عاتق الولايات المتحدة ولكن أيضا على عاتق عشرات من الحكومات الأجنبية التي كانت متواطئة معها”.
يُشار إلى أن ما يسمى “المواقع السوداء” أقامتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لاستجواب مشتبه بهم تم القبض عليهم خارج البلاد مع استخدام التعذيب.
وفي حين تم الكشف عن بعض المواقع منذ بدء البرنامج، إلا أن التقرير بعنوان “عولمة التعذيب.. برنامج وكالة الاستخبارات المركزية للاحتجاز السري والترحيل الاستثنائي” يقدم أول استعراض شامل لهذه القضية. وقد بدأ البرنامج عقب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول بالولايات المتحدة، ووفقا للتقرير، فإنه البرنامج لا يزال مستمرا بشكل أو بآخر حتى اليوم.
ويشير مصطلح “التسليم الاستثنائي” إلى نقل مشتبه به من بلد إلى آخر بعيدا عن أعين نظم العدالة الدولية. وحدد التقرير حكومات 54 دولة كانت إما تستضيف موقعا أسود أو تساعد في نقل مشتبه.
وجاء في التقرير أن “هذه الحكومات بالمشاركة في هذه العمليات انتهكت أيضا قوانينها والقانون الدولي وضربت عرض الحائط بقواعد مكافحة التعذيب، وهو أمر ليس غير مشروع وغير أخلاقي فقط بل أيضا غير فعال في الحصول على معلومات موثوقة”.
والدول المذكورة موزعة على كل القارات وهي أفغانستان، وألبانيا، والجزائر، وأستراليا، والنمسا، وأذربيجان، وبلجيكا، والبوسنة والهرسك، وكندا، وكرواتيا، وقبرص، وجمهورية التشيك، والدانمارك، وجيبوتي، ومصر، وإثيوبيا، وفنلندا، وجامبيا، وجورجيا، وألمانيا، واليونان، وهونغ كونغ، وأيسلندا، وإندونيسيا، وإيران، وايرلندا، وإيطاليا، والأردن، وكينيا، وليبيا، وليتوانيا، ومقدونيا، وملاوي، وماليزيا، وموريتانيا، والمغرب، وباكستان، وبولندا، والبرتغال، ورومانيا، والسعودية، والصومال، وجنوب أفريقيا، وإسبانيا، وسريلانكا، والسويد، وسوريا، وتايلند، وتركيا، والإمارات، وبريطانيا، وأوزبكستان، واليمن، وزيمبابوي.
وكانت إيطاليا البلد الوحيد الذي حكم على مسؤولين لتورطهم في هذه العمليات، وكندا البلد الوحيد الذي قدم اعتذارات لإحدى ضحايا هذا البرنامج، في حين دفعت كل من كندا وأستراليا وبريطانيا تعويضات للضحايا.
وأدان التقرير أيضا الولايات المتحدة التي لم تحقق إلا “بشكل محدود” في سوء معاملة معتقلين ولم تطلق أي ملاحقات قضائية. ووفق التقرير لا يبدو أن إدارة الرئيس باراك أوباما تخلت عن السجون السرية على الأجل القصير وترفض نشر الوثائق المرتبطة بهذا البرنامج.