يبدو أن جامعة الملك سعود لم تجد حلاً للحدّ من تدخين عدد من طلابها في مختلف الكليات إلا بتخصيص أماكن لهم في الهواء الطلق، فعلى رغم الحملات التوعوية التي قامت بها على مدى أعوام مضت، وفرض عقوبات على المدخنين داخل فناء أية كلية من كليات الجامعة، إلا أن ذلك لم يحقق النتائج المنتظرة، ما دفع الجامعة إلى الاستسلام وتخصيص أماكن للمدخنين في كلياتها، تجنباً لممارسة التدخين عشوائياً داخل الحرم الجامعي، في خطوة سبقت بها جهات حكومية وخاصة، يُمنع فيها التدخين تماماً.
ووجدت هذه الخطوة تبايناً في ردود الأفعال بين متقبل لها يرى أن تحديد موقع محدد للمدخنين أمر إيجابي في ظل عدم السيطرة عليهم، وصعوبة فرض قرار يلزم بعدم التدخين، ومعارض لهذه الفكرة، ينطلق من أن الأسلوب المفترض هو استخدام السُلطة الإدارية، وتفعيل قرار يقضي بالمنع التام، سواء على مستوى الطلاب أم أعضاء هيئة التدريس أم العاملين عموماً، كونها بيئة تعليمية يُنتظر منها الوقوف ضد هذه الممارسات.
وأوضح عميد كلية الآداب في جامعة الملك سعود الدكتور صالح الغامدي، أن الكلية تسعى إلى تفعيل مفهوم «الهواء النقي» داخل الجامعة، من خلال العمل على تقليص وجود التدخين بأكثر من وسيلة، مشيراً إلى أن فكرة تخصيص المواقع للمدخنين قد تساعد في ترك التدخين.
وقال الغامدي لـ«الحياة»: «مبادرة تحديد مواقع خاصة بالمدخنين هي على مستوى الجامعة، ولكن كلية الآداب تحديداً تتميز بعملها على حملة الهواء النقي والمساعدة على الإقلاع عن التدخين، وأجد أن الأماكن المخصصة تساعد في تنفير الطلاب المدخنين من ممارسة هذه العادة، وبمجرد دخول الطالب المدخن إلى المكان المخصص فإن ذلك يُشعره بالحرج، وهذا الأمر كان هدفنا، سعياً إلى الإقلاع عن التدخين»، لافتاً إلى أن كلية الآداب تحرص على عدم التدخين داخل فنائها، لذلك حددت مواقع خارجية بعيدة للمدخنين.
بدوره، ذكر المتحدث باسم الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين «نقاء» سليمان الصبي، أن الضعف الإداري وعدم القدرة على تطبيق المنع يدفع إلى اتخاذ بعض الإجراءات التدريجية مثل تخصيص مواقع للمدخنين.
وأضاف: «تخصيص المواقع موجود في عدد من الجهات التي تمنع التدخين، وهذا معمول به في كل الدول بهدف احترام غير المدخنين، وفي الوقت ذاته، إتاحة المجال للمدخنين بالتوجه إلى مواقع خاصة بهم، فالكبت يؤدي بالمدخن إلى التدخين في أي مكان، ما يعني أن المنع الكامل من دون التدرج لا يحقق نتائج إيجابية، وهذا الأسلوب تلجأ إليه غالباً الإدارات الضعيفة التي لا تمتلك القوة في القيام بهذا المنع، لذا نجدها تتخذ أسلوب التدرج الذي ينتهي بتطبيق المنع التام، وهذا معمول به في كثير من الأماكن محلياً ودولياً».
وحول خطوة جامعة الملك سعود ومدى تأثيرها، قال: «جامعة الملك سعود تعمل على بيئة خالية من التدخين، ولديها لائحة تتضمن جزاءات على المدخنين في المواقع الممنوعة، تصل إلى الإنذار والحسم من المكافأة الطلابية وغيره، والآن جاءت خطوة التخصيص سعياً إلى التدرج في المنع، فهي ليست مشجعة على تدخين الطلاب، بل إنها تسهم في الإقلاع عن التدخين، فمواقع المدخنين تُشعر المدخن بالخجل، وتؤدي إلى معاتبة النفس».