أكدت الجوازات السعودية أنها لا تطلب أي مبالغ إضافية باستثناء رسوم الدولة المعروفة والمحددة للخدمات التي تقدمها الإدارة للمواطنين والأجانب، وقالت إن نظام «أبشر» الخاص بإنجاز المعاملات إلكترونيا يمكن المستفيد من إنجاز معاملته عبر الإنترنت دون الحاجة إلى مراجعة الجوازات.
يأتي ذلك في أعقاب ارتفاع طال أسعار الخدمات المقدمة عبر «معقبين» يعملون على إنجاز المعاملات الحكومية، والذين وجدوا أنفسهم أمام كعكة كبيرة جدا تتمثل في الحاجة إلى مهلة تصحيح أوضاع العمالة المخالفة في السعودية. وطالب المقدم أحمد اللحيدان وهو المتحدث باسم الجوازات إنجاز الخدمات أو المعاملات في مكاتب الجوازات عبر خدمة «أبشر» التي أطلقتها المديرية العامة حتى لا يستنزف «المعقبون» أموال المراجعين مقابل إنهاء المعاملات كما يحدث الآن.
وقد يضطر المشغولون من المواطنين والأجانب الذين يحتاجون تصحيح أوضاع إلى الاستعانة بالمعقب لينجز المعاملات، لكنهم يشكون ارتفاع أسعار التعقيب الذي ما من دفع تكاليفه من بد، حتى لا تقترب المهلة التصحيحية من الانتهاء فتذهب الفرصة هباءً.
يؤكد المقدم اللحيدان بأن مكاتب الجوازات أو موظفيها قطعا لا يطالبون بأي رسوم أو مبالغ أخرى من «المعقبين»، مشيرا إلى أن الرسوم التي يتم دفعها لأي معاملة جميعها متوافرة عبر موقع أبشر «المجاني».
وبين اللحيدان أن المديرية تعمل لأن تصبح في وقت وجيز «دائرة بلا مراجعين»، حيث تنجز معاملات المراجعين الخاصة بالجوازات من خلال شبكة الإنترنت.
وأشار إلى أن الخدمات التي تقدمها «أبشر» تتمثل في خدمات تأشيرة الخروج والعودة والخروج النهائي، إضافة إلى بلاغات الهروب وتصاريح السفر للمواطنين، والتفاويض الإلكترونية وخدمات بياناتي، لافتا إلى أنه سوف يتم إضافة خدمات أخرى مستقبلا تتعلق بمعاملات المرور والأحوال المدنية، يمكن إنجازها عبر هذه الخدمة لتحقيق هدفهم، موضحا أن ذلك سيمكن موظفي الجوازات من إنهاء الخدمات والأمور الأخرى دون ضغط.
وبينت المديرية العامة للجوازات أن عدد المسجلين في خدماتها الإلكترونية «أبشر»، قارب النصف مليون مستفيد، وطالبت الجميع بالاستفادة من خدماتها المقدمة مجانا عن طريق التسجيل في موقع الجوازات الإلكتروني، ومن ثم تفعيل التسجيل لإثبات هوية المستفيد عن طريق مراجعة أحد فروع الجوازات أو أجهزة الخدمة الذاتية والموضح مواقعها في الموقع الإلكتروني.
جاء ذلك في الوقت الذي عد فيه الشيخ عبد العزيز آل شيخ، مفتي السعودية المبالغ المالية التي يأخذها «المعقبون» من العمالة الراغبة في تصحيح أوضاعها داخل المملكة أو المواطنين مقابل الخدمات التي تقدم لهم «حرام وسحت»، وذلك لدى حديثه حول مهلة تصحيح أوضاع العمالة الوافدة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين وأنها «ابتليت بالمعقبين الذين حملوا العمالة ما لا تطيقه من خلال تكبيدهم أموالا طائلة ومساومتهم على البقاء».
واستنكر مواطنون وأجانب استغلال المعقبين لحاجة العمالة تصحيح أوضاعها قبيل انتهاء المدة المحددة، إذ رفعوا سقف أجورهم عاليا من أجل إنهاء معاملة واحدة فقط، وبحسب بعض العمالة فإن أجور المعقبين تتراوح بين 15 و20 ألف ريال مقابل تصحيح وضعه وبقائه في السعودية.
وبين محمد الحسن وهو صاحب مؤسسة تجارية أن المعقبين أصبحوا يطالبون بضعف الرسوم المفروض دفعها لأي خدمة حكومية، وقال الحسن الذي يعيش عقده الخامس من عمره «إن المعقب يطالب برسوم مهولة لإنجاز معاملة واحد إلى جانب أتعابه»، وأضاف: «لدي خمسة عمال أرغب في تصحيح وضعهم ليعملوا لدى مؤسستي بطريقة نظامية، وطلب المعقب على كل منهم قرابة خمسة آلاف ريال نظير نقل إقامتهم على الشركة دون أتعابه».
وبين الحسن أن كبر سنه وعجزه على الذهاب بشكل دائم لمكتب الجوازات، إلى جانب قلة معرفته بالتعامل مع أجهزة الحاسب الآلي والإنترنت، إضافة إلى الازدحام والحر الشديد، اضطر إلى القبول بدفع الرسوم التي طلبها المعقب حتى يتمكن من متابعة تصحيح وضع عمالته دون غرامات أو مخالفات.
أم محمود، أرملة تبلغ من العمر 63 عاما من الجنسية الفلسطينية، كانت تقيم خارج المملكة مع زوجها وليس لديها أبناء، وبعد وفاته قدمت لتقيم مع أخيها في السعودية كونها بلا معيل، ومنذ قدومها سنة 2009 وهي تحاول تصحيح وضعها والحصول على إقامة، ودفعت مبالغ طائلة للمعقبين إلا أنهم لم يصدقوها القول ولم تحصل على إقامة حتى الآن.
تقول أم محمود: «فرحت كثيرا عندما علمت بخبر تصحيح الأوضاع واستبشرت خيرا، إلا أنني حتى الآن ما زلت أدفع مبالغ للمعقبين تتراوح بين 10 و15 ألف ريال وفي كل مرة يخبرني المعقب بأن هذه المبالغ هي رسوم لإنهاء المعاملة، وأن أتعابه سيأخذها فور حصولها على الإقامة».
وأضافت: «منذ بدء مهلة تصحيح الأوضاع وأنا أسعى إلى تصحيح وضعي، ودفعت الرسوم للمعقب، إلا أنه حتى الآن لم يتم إنجازها وفي كل مرة أتواصل معه يخبرني بأن هذه المعاملات تحتاج إلى وقت، ولم يتم إنجاز أي معاملة حتى الآن لأي شخص، فقط ما يقومون به في الجوازات هو تسديد الرسوم، وما زلت أنتظر وأخشى أن تنتهي المهلة دون أن أحصل على الإقامة».
واستطردت بالقول: «المملكة من جانبها تحاول مساعدة المقيمين والمخالفين لتصحيح أوضاعهم والعيش بنظام داخلها، إلا أن المعقبين بما يطلبونه من مبالغ مرتفعة من العمالة التي تركت وطنها وأهلها وأسرتها من أجل لقمة العيش، تجعلهم يصرفون ما جمعوه على الأتعاب».
وقالت: «رسوم الدولة واضحة، ولكن عندما نتحدث مع المعقبين نفاجأ بأنهم يطلبون مبالغ تفوق الرسوم كثيرا».
من جانبها اعتبرت رؤى الهاشم، مالكة مشغل نسائي تسعى لتصحيح أوضاع العاملات لديها، أن مهلة تصحيح الأوضاع التي أقرتها المملكة منذ مطلع العام الحالي، عمل رائع، إلا أنها استنكرت المبالغ التي يطلبها المعقبون، الذين يوهمون الأشخاص بأن أي معاملة لا يمكن إنجازها دون خدماتهم وأنهم قادرون على فتح الأبواب المغلقة.
وقالت: «من أين ستأتي العاملة بتلك المبالغ، أعتقد أن ذلك الأمر يجعلهم يقومون بأعمال غير نظامية حتى يحصلوا على المبالغ الخاصة بتصحيح وضعهم».
وقالت: «أطالب بضرورة وضع حد لجشع المعقبين الذين أساءوا إلى ما تقوم به المملكة من أعمال إنسانية بخصوص هذه العمالة التي لم تترك أوطانها وأسرها إلا للحاجة، مطالبة بزيادة دور الرقابة الحكومية وحقوق الإنسان في حماية العمالة من جشع المعقبين».
وأفاد محمد العمري، في العقد الرابع من عمره وصاحب مؤسسة خاصة، أن مهلة التصحيح وما يحدث من بعض موظفي الجوازات، كعدم التعاون مع المراجعين في الإجابة عن استفساراتهم في البداية نتيجة لما يتعرضون له من ضغط وزيادة في عدد المراجعين، ساهم بشكل كبير في إنشاء سوق سوداء للمعقبين جعلتهم يستغلون حاجة المواطنين والعمالة التي لا حول لها ولا قوة، متسائلا في الوقت ذاته عن تلك المبالغ الهائلة التي يطلبها المعقبون بحجة أنها تذهب إلى الجوازات، مما يضطرهم لدفعها حتى ينهوا معاملاتهم.
وأشار إلى أنه كان يضطر الحضور منذ ساعات الفجر الأولى إلى الجوازات ليحصل على رقم مبكر يقلص فترة انتظار دوره، إلا أن صعوبة الحصول على أرقام وطول فترة الانتظار وتعطله عن أعماله الأخرى اضطرته لأن يوكل معقبا لينهي هذه الإجراءات مقابل أي مبلغ يطلبه.
أمام ذلك، يرى أبو محمد الذي يعمل في مهنة التعقيب منذ 16 عاما، أن المبالغ المالية التي يطلبها المعقب جميعها تكون لسداد الرسوم، وقال: «هناك غرامات نقوم بسدادها لا يعلم المستفيد أنه تم الإعلان عنها في الاشتراطات التي صدرت، وهي عن كل سنة أقام فيها الشخص المخالف لنظام الإقامة بشكل غير نظامي في المملكة، ففي حال كانت تأشيرة الدخول منذ أربع سنوات فلا بد من دفع 600 ريال غرامة عن كل سنة، وهذه الغرامات عندما نأتي لإنهاء المعاملة يطلب تسديدها».
من جهته أوضح إسماعيل الحميري، منسق علاقات حكومية أن صعوبة التعامل مع مكاتب الجوازات والتعقيدات التي يجدونها تجعل بعض المعقبين يستغلون الفرص، ويقدمون خدماتهم مقابل مبالغ مالية، وقال الحميري: «إن بعض المعقبين بإمكانه أن ينهي المعاملة في يومين إلا أنه يقوم بتركها لمدة تصل إلى أسبوعين ومن ثم يعود ليطلب منك مبلغا آخر بحجة أن هناك أوراقا طلبت منه لا بد من تجهيزها مقابل مبلغ».
وأضاف: «تغيير المهنة كان بمبلغ 100 ريال والآن تتم مجانا، إلا أن أرخص معقب يمكن أن ينجزها مقابل 1000 ريال وإلا يقول لك راجعني بعد شهر».