تُظهر العديدُ من التقارير الإخبارية يومًا بعد يوم مفاجأة بعض الأسر من أن أحد أبنائها انضم لشبكة جهادية.
وفي يونيو الماضي؛ أعرب بريطاني من كارديف عن دهشته، بعد مشاهدته ابنه العشريني في شريط فيديو منسوب إلى تنظيم داعش، في فيديو حمل عنوان “لا حياة من دون جهاد”، طوال ثلاث عشرة دقيقة، دعا فيه إلى السفر إلى سوريا والعراق “تلبية لدعوة الجهاد في سبيل الله”.
وفي أغسطس الماضي، عاشت منطقة وادي خالد اللبنانية صدمة مغادرة ثلاثة شبان من أبنائها إلى تركيا بنية الالتحاق بـ”داعش”، قبل أن تتمكن عائلاتهم وبالتعاون مع السلطات الأمنية اللبنانية والتركية من إعادتهم، وإخضاعهم للتحقيق.
أحد هؤلاء الشبان، ويُدعى معتز، هو ابن رئيس بلدية وادي خالد نور الدين الأحمد الذي نقلت عنه صحف لبنانية قوله إنه لم يكن على علم بسفر ابنه إلى تركيا، وإن الأخير قال لعائلته إنه سيقوم برحلة سياحية، لكنه “لم يخبرنا حتى لا نعارضه”.
وحينما سئل: لماذا قد تعارضون رحلة سياحية؟ أجاب الأحمد: “بسبب الظروف وما نسمع عن تضليل الشباب، فباتت هناك مخاوف من ضياع جيل بكامله إذا لم يكن الأهل يقظين”.
وفي أغسطس أيضًا، أوقفت الشرطة الإسبانية فتاتين (19 عامًا و14 عامًا) قبل عبورهما الحدود بين مليلة الخاضعة للسيطرة الإسبانية والأراضي المغربية، وبحسب تصريحات الشرطة الإسبانية، كان من المنتظر أن تقوم الفتاتان بالانضمام إلى مجموعة من الفتيات في المغرب، ومن هناك السفر إلى سوريا أو العراق عبر تركيا.
وكان والد الفتاة الصغيرة قد قام بإبلاغ الشرطة عن اختفاء ابنته قبل عدة أيام في مدينة مليلة.
إذن فمن هم “المرشحون” للوقوع في شباك الشبكات الجهادية؟.
أجرت وكالة “فرانس 24” حوارًا مع دنيا بوزار، الباحثة في الأنثروبولوجيا ومديرة مركز الوقاية من التطرف الطائفي المرتبط بالإسلام في فرنسا، سلطت خلاله الضوء على طبيعة الشباب الذين يكونون لقمة سائغة في أفواه الشبكات الجهادية والأدوات المستعملة من طرف المجندين للإيقاع بهم.
أنهم من كل الأوساط الاجتماعية وتراوح أعمارهم بين 14 و21 عامًا، حيث تمكن المتطرفون من تغيير آراء شبان يعيشون بشكل جيد ويذهبون إلى المدرسة ولا يعانون من مشاكل عائلية، وحسنوا من تقنياتهم عبر خلط حداثة الإنترنت وصور ألعاب الفيديو وتقنيات العقيدة الخاصة بالإسلام، وعبر استخدام الشق الإنساني، أصبحوا يطالون بشكل متزايد منذ يناير فتيات وتلاميذ يرغبون في خدمة قضايا آخرين.
يبدأ ذلك بشكل تلقائي عبر الإنترنت، خصوصًا شبكات التواصل الاجتماعي، وفي معظم الأحيان يحصل اللقاء الأول مع جهادي بعد توجهه إلى سوريا.
وهنا تُوصي بوزار بأن يكون الأهل واعين لمؤشرات القطيعة الملموسة، فالشاب عادة ما يرفض رؤية أصدقائه القدماء، ويوقف أنشطته خارج المدرسة، أو يوقف تعليمه، وحين يحصل التباعد الاجتماعي بذريعة دينية، ويصبح عائقًا أمام حق الطفل في الترفيه، فإن على الأهالي أن يحذروا.
قالت بوزار إن من الضروري أولا منع الشاب من الرحيل وخروجه من الأراضي، كما نصحت خصوصًا بعدم السعي لإعطاء حق للشاب في آرائه، لأن ذلك سيؤدي إلى تعزيز سلطة الدعاة، كما أوصت باستحضار الذكريات الجميلة وإعادة إحياء شخصية الفرد التي يحاول المتطرفون محوها.
وحذرت الباحثة من أنه حين يرحل الشاب يصبح الأمر معقدًا جدًّا، لأن قادة التنظيمات الجهادية يجعلون الشباب مثل الرجل الآلي ويبدو أنهم يفقدون أي مشاعر تربطهم بعائلاتهم، وبعضهم يكتشفون بأنفسهم الأمور ويتراجع تطرفهم، ويعودون إلى بلادهم.