[JUSTIFY]أوصى سماحة مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء، رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، الناس بتقوى الله تعالى حق التقوى، مبيناً أن الإسلام حث على التخلق بخلق الأمانة، وأمر بها ورغب فيها، يقول جل جلاله: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها)، محذراً من الخيانة فيها، قال تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون)).
وقال سماحته في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض: لأداء الأمانة في الشريعة فضائل عدة فمن أعظم فضائلها أنها خلق أنبياء الله ورسله، ذكر الله عن نوح أنه قال لقومه: ((إني لكم رسول أمين))، وهكذا قاله هود وصالح ولوط وشعيب وموسى عليهم السلام كلهم يقولون لأقوامهم إني لكم رسول أمين, ووصف الله جبريل سيد الملائكة وأمين الله على وحيه بقوله جل وعلى ((مطاع ثم أمين))، موضحاً أن محمد – صلى الله عليه وسلم – معروف بالصدق والأمانة، وكان يسمى الصادق الأمين قبل أن يوحى إليه صلوات الله وسلامه عليه أبداً دائماً إلى يوم الدين، يقول الله تعالى: ((ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين)).
وقال سماحته في خطبته: أيها المسلم: ومن فضائل الأمانة أنها خلق الصالحين من عباد الله، قال جل وعلى في وصف المؤمنين: ((والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون))، ومن فضائلها أن الله عرضها على السموات السبع والأراضين السبع والجبال فأبين أن يحملنها لا عصيان لله ولكن خوف من التبعات، يقول الله تعالى: ((إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً))، مشيراً إلى أن من فضائلها أن ضدها هو الخيانة من أخلاق المنافقين، ويقول – صلى الله عليه وسلم – // آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا اؤتمن خان وإذا عاهد غدر//، مبيناً أن الأمانة في الحرفية والمهنية تأخذ حيزاً كبيراً في جانب الأمانات، قال الله جل وعلا: ((إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها))، لافتاً النظر إلى أنها عامة في جميع المسؤوليات، مسؤولية الإمام العام في أموال الأمة، والعدل بينهم ورد المظالم ومسؤولية في الفرد في أداء ما استودعه من ودائع وإعطاء الحقوق في الوجه، الذي في ذمته، قال جل وعلا: ((فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه))، ويقول – صلى الله عليه وسلم – // لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له //، وقال – صلى الله عليه وسلم – // إذا تحدث في المجلس والتفت فإنها أمانة //.
وتابع سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ: إن مما يدلك على عظم الأمانة أنها مسؤولية يمارسها الناس في حياتهم اليومية فهم محتاجون إليها في جميع أحوالهم، سواء كانت في الإمارة أو في القضاء أو في الحسبة أو في الإفتاء والتعليم أو في وسائل الإعلام إلى غير ذلك من الأمور المهمة، مشيراً إلى أن من مجالات الأمانة التي أمرنا بها أمانة المسؤولية، أن يولى على الأمة من يعرف صلاحه وتقواه وقيامه بالواجب، إن خير من استأجرت القوي الأمين، فإنها مسؤولية سيسأل عنها يوم القيامة فلابد أن يتولاها من هو أهل لها وللقيام بواجبها حق القيام، وإذا سألها من ليس كفؤاً لها فإنه لا يجاب، إلى ذلك يقول – صلى الله عليه وسلم – لأبي ذر رضي الله عنه // يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها لخزي وعار يوم القيامة //.
وأضاف: أن الموظفين في وظائفهم مؤتمنون على الوظيفة أداءً وعملاً، بأن يؤديها بكل إخلاص ويواظب على الوقت ولا يشتغل في أثناء عمله بما يكفه عن مسؤوليته ولا يشتغل بغير ذلك، فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، ويجب عليه أن يؤدي واجباته الوظيفية. ولا يؤدي لأحد لا لصداقة ولا لقرابة ولا لرشوة ولا لمصالح مادية وإنما يتقي الله ويؤدي ما اؤتمن عليه من الأمانة يقول جل وعلا: ((إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها)).
وتابع يقول: من كان له مسؤولية وعنده أسرار عن الدولة فيجب عليه كتمانها وعدم إفشائها فإن في إفشائها ضرراً على الأمة في حاضرها ومستقبلها لا سيما ما يتعلق بأمور استقرارها فالواجب كتمان ذلك وعدم التحدث به.
وقال سماحته: توجه – صلى الله عليه وسلم – لمكة في العام الثامن للهجرة وقال، اللهم اعم عنهم الأخبار حتى نفجأ أهل مكة، فأخفى خروجه فكتب حاطب بن بلتعة أحد أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إلى قريش أن محمداً جاءكم بما لا قدرة لكم عليه فأخبر الله بذلك نبيه – صلى الله عليه وسلم – فدعا “حاطب” وسأله، قال والله ما هو نفاق مني ولكن كل أحد ممن معك لهم يد على أقربائهم أما أنا فليس لي شيء عندهم أردت بذلك أن أحمي عشيرتي، فقال له صدقت، قال عمر أنقتله يا رسول الله؟ قال كيف تقتله وقد شهد بدراً، والله يقول يا أهل بدر اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم.
وأضاف: إذاً فأسرار الأمة يجب كتمانها والمحافظة عليها لمن استودعها ومن أخل بشيء من ذلك كان خائناً لأمانته.. ومن الأمانة أيضاً أمانة المقاولين ومنفذي المشاريع العامة فهم مؤتمنون على هذه المشاريع إخلاصاً لله في الأداء، ووفاء بالشروط والمواصفات، والالتزام بالوقت المحدد وعدم استعمال الغش وينفذون المشاريع على وفق ما اتفق عليه ملتزمين في ذلك العدل والصدق والأمانة بعيدين عن الخيانة ويتعاظم ذلك في مشاريع الأمة العامة التي يحتاجون إليها فلابد أن يتقو الله، وأن لا يعطى المقاول حق الانتهاء منها حتى يتأكدوا أن المواصفات المفروضة قد طبقت بكاملها؛ لأن في الإخلال بها إخلالاً بمصالح الأمة وهذا من الخيانة.
وتابع يقول: ومن الأمانة وسائل الإعلام كالمرئي والمسموع والمشاهد فإن رجال الإعلام مسؤولون عن هذه الأمور يجب أن يقول الحق وينطق بالحق وأن يكون في خدمة قضايا الأمة ومصالحها في الحاضر والمستقبل وعدم نشر الإشاعات والأكاذيب التي لا داعي لها والتحليلات الباطلة، وإنما يقول الحقائق والأمور على الوجه الشرعي وإن صدقوا الله وقالوا خيراً كانوا عوناً على الإصلاح وإن أخلوا بالأمانة وجاءوا بالمسلسلات الهابطة والأطروحات الكاذبة وأقوال باطلة أسهموا في إخلال المجتمع فيجب أن يكون رجال الإعلام مسلمين صادقين فيما يكتبون ويقررون.
وأوضح أن من الأمانة المأمور بها الشاهد؛ لأن الله أمر بالشهادة على الوجه المطلوب قال تعالى: ((إلا من شهد بالحق وهم يعلمون)). فمن شهد زوراً أو كذباً مجاملة لأحد وإرضاءً لأحد فقد خان الله في ذلك والله جل وعلا حذرنا من كتمان الشهادة فقال تعالى: ((ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه)). فمن الخيانة كتمان الشهادة ومن الخيانة شهادة الزور والبهتان، اشهد بالحق كما تعلم، واحذر من الباطل والزور، فإن ذلك عليك حرام.
وقال سماحته: ومن الأمانة عند الله أمانة المستفتين والعلماء الذين يفتون عن الله، إن الله حرم هذا أو أحل هذا، فالمفتي يخبر عن الله جل وعلا فيجب تقوى الله ومراقبته فيما يفتي به وأن لا يفتي إلا بعلم يعلمه من كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وإذا لم يعلم فليمسك ولا يقول عن الله ما ليس له به علم قال الله تعالى: ((قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)). وقال تعالى: ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلَالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ)). ولا يفتي إلا إذا كان عالماً بحقيقة ما يفتي فيه، وإن كان جاهلاً صرف العلم إلى أهله، وقال الله ورسوله أعلم، فليحذر المفتي أن يفصل في مسائل لا علم له بها يتأكد ويتقي الله ويعلم أن الله سائله عما أفتى به.
وتابع: ومن الأمانة يا عباد الله التي يجب الحفاظ عليها، أمانة رجال الأمن، فرجال الأمن مؤتمنون على أمن الأمة والدماء والأعراض والأموال فيجب عليهم القيام بالواجب وأن يحرصوا على أن يكونوا رجالاً صالحين ذوي أمانة ودين يحفظون على الأمة حدودها وثغورها ويتقون الله ويأخذون على يد السفيه والمفسد فإن رجال الأمن رجال مخلصون إذا اتقوا الله وأدو الأمانة وقاموا بالواجب فيجب عليهم تقوى الله وأداء الأمانة والأخذ على يد السفيه والمفسد ومن لا خير فيه ممن يسيء للأمة.
وبين أن هذه أمانة الإسلام الشرعية والأمانة عامة بالتكاليف الشرعية والحرفية والمهنية فكل الدين أمانة يقول الله جل وعلا: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً).
وقال سماحة مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء، رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ: عباد الله، إن الحرف في الإسلام لها أمانة والناس محتاجون إلى الحرف المتعددة في النجارة والحدادة والسباكة والكهرباء وقطع السيارات وغير ذلك من الأمور المهمة فرجال العمل عليهم تقوى الله بأن يخلصوا في أداء العمل وأن يحسنوا أعمالهم، وأن يوفوا بموعدهم الذي قطعوه على أنفسهم، وأن يحرصوا أن يكون خالصاً لله، وأن لا يبالغوا في الأسعار ولا يغيروا في القطع، وإنما يراعون المصلحة العامة، فمن العمالة من يحاول الإخلال بها بأن يغير القطع وأن يخل بالعمل ويضع مواد بها غشاً وخيانة من دون أن يشعر المستهلك بذلك، فعلى العامل في نجارته وحدادته وسباكته والكهرباء والسيارات وغير ذلك أن يتقي الله وأن يؤدي الأمانة، ولا يحرص أن يغير القطع إلا إذا رأى قطعة تالفة لا ينفع وجودها أما استغلال الناس واستغفالهم فإن هذا خطأ وإخلال بالأمانة.
وأشار “سماحته” إلى أن من الأمانة عباد الله، التجار وأرباب السلع والأموال فعليهم أمانة أن يتقوا الله في أنفسهم أولاً أن يتقوا الله في السلع وأن لا يخفوا عيوبها وأن يقدموها للناس واضحة وأن يتقوا الله ويصدقوا في السعر، وأن يحذروا المغالاة في الأرباح والمغالاة في الأسعار فإن هذا خلل عظيم //النبي صلى الله عليه وسلم دخل السوق فرأى طعاماً يباع فأدخل يده في الطعام فإذا أسفله مرق وأعلاه يابس، قال يا صاحب الطعام ما هذا؟ قال يا رسول الله أصابته السماء، قال هلا وضعته فوق الطعام؛ كي يراه الناس، من غشنا فليس منا//.
وأضاف: أيها البائع الكريم: إن بيعك طيب إذا اتقيت الله فيه، يقول – صلى الله عليه وسلم – لما سأل أي الكسب أفضل؟ قال//عمل بيدك وكل بيع مبرور//. والبيع المبرور صفاته هي الصدق والأمانة والإخلاص، وعدم الغش وعدم المبالغة في الأسعار والأرباح، فليتق الله في أمانته ولا يغش ولا يخدع، من غشنا فليس منا، فيا أيها التجار احذروا الاحتكار وإخفاء السلع لإغلاء السعر، فإن هذا خلاف لشرع الله.
وتابع يقول: أيها المسلم يقول الله تعالى: ((أوفوا المكيال والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين)). ويقول تعالى: ((ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين)).
وأردف “سماحته” يقول: أيها الطبيب المسلم مهنتك شريفة، عملك جيد فاتق الله في عملك، وأخلص لله في عملك، وإياك أن تستغل ضعف المريض ومرضه في القيمة الباهظة، عالجه معالجة طيبة بأسعار مناسبة واحذر استغلال مرضه وحاجته في أن ترفع السعر عليه أو تكلفه ما لا يحتاج إلى الكثير منها، واحذروا أيها الصيادلة أن تخادعوا الناس بالتعاون مع الأطباء بأن تأمروهم أن يحولوا عليكم جميع من أتاهم ليشتروا منكم دون غيركم وتغشوا في ذلك الأمة، يجب على الصيدلي وعلى الطبيب المسلم أن يتقي الله في الأمة، فإيانا أن نستغل مرضانا وضعفهم فنغالي في السعر ونكلفهم ما لا يطيقون، وإياك أيها الصيدلي أن تتواطأ مع الطبيب لكي يحول لك المرضى، ويقول الدواء لا يوجد إلا في هذه الصيدلة الخاصة فيتكاثر الناس عليها، كل هذا لا يجوز يجب تقوى الله وأداء الأمانة والصدق في ذلك وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه من الأقوال والأعمال.
واختتم سماحته خطبته بالتأسف على ما يجري في اليمن وقال: إخواني يؤسف كل مسلم ما يجري في اليمن السعيد من هذه الفوضويات والاضطرابات والقلاقل التي لا أول ولا آخر لها، هذه المصائب في اليمن السعيد، إنما هي من تدبير أعداء الإسلام فليحذر المسلمون أن يستخدمهم أعداؤهم، أيها الشعب اليمني المبارك، من يحكم هذا البلد، أين العقول الجيدة، أين العلماء وأين القادة وأين المفكرون؟ أن تضيع البلاد بهذا الشكل تدميراً وإخلالاً للأمن وسفكاً للدماء ونهباً للأموال على أيدي المجوس وأعوانهم الذين يبغضون الإسلام وأهله، هذه الفرق الضالة هدفها القضاء على الإسلام، ألا يكفي المسلمون مما مر بهم وأن لا يمدوا أيديهم مع أعدائهم، إن أعداءكم المجوس لا يريدون لكم خيراً وإنما يريدون إفسادكم وفسادكم وسلب خيراتكم وتضليل أفكاركم إلى غير ذلك من آرائهم الضالة، فيا أيها الشعب اليمني ويا رجال اليمن، اتقوا الله في أنفسكم، عودوا إلى رشدكم وحكموا العقل والرأي السديد لتعلموا أن هذه الحملات السيئة المجوسية جاءت لإضلالكم وإضعاف شوكتكم والقضاء على دينكم وكرامتكم وأخلاقكم، ما جاءوا حباً لكم ولا رحمة بكم، ولكن جاءوا لينشروا الفساد كما يريدون ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، فيا إخواني في اليمن، الله الله في أنفسكم وبحرماتكم! وفي بلادكم أن تضيعوها في هذه الفتنة الضالة المضلة، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى إنه على كل شيء قدير.[/JUSTIFY]