تبدو رسالة الملك سلمان ” واضحة ” المعالم رغم أنها رسالة خفية للقائمين على قمة كامب ديفد التي ستنعقد في الولايات المتحدة الأمريكية كونها تأتي في ظل ظروف تمر بها المنطقة لاسيما وأن هناك وضوح في سياسة المملكة والخليج حول ممارسات إيران وانتهاكاتها في المنطقة.
إيران ضالعة في العديد من الفتن والثورات في المنطقة وسجلها ملطخ بالدماء في عدد من البلدان, فهي سبب رئيسي في نشأة الفتن الطائفية في الشرق الأوسط وتغذية وتأليب الشارع العربي, ولم نشاهد أي فتن طائفية منذ عقود في المجتمعات إلا بعد الثورة الخمينية فتم رصد ميزانيات ضخمة لتدريب قيادات على ” حرب الشوارع ” وصناعة القنابل اليدوية, وإثارة الشغب واستقبال عدد ممن يرون أنهم ناجحون في استغفال الشعوب وتدريبهم على فن الخطابة والتأثير والدفع لهم مقابل الاستخفاف بعقول أبناء الشعوب وإثارة الفتن بينهم ونجحت إيران في قتل المئات من الموالين لها الخائنين لدولهم عبر استخدامهم كأدوات تفجير وانتهاك للقوانين في عدد من الدول كالعراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن, إضافة إلى ضلوع إيران في تنفيذ عدد من الهجمات في دول أخرى في شرق آسيا والأرجنتين القمة تأتي وسط ضبابية الاتفاقية التي ستمنح إيران الحق في استخدام البرنامج النووي, وتحفظت دول عديدة أهمها دول الخليج على النتائج الغير واضحة المعالم, وقبل توقيعها رسمياً لابد للخليج أن يعرف بشكل واضح وصريح ماهية الاتفاق وكيف تتعامل معه مستقبلاً ما إذا كان الاتفاق ” يشكل تهديداً على أمن الخليج “.
المتابع للمشهد السياسي خلال العقد المنصرم يجد أن إيران كانت تتجاوز حدودها وتبث سمومها في الخليج وتتدخل بشكل صريح في الشرق الأوسط وتعبث به, لكنها تعمل بمبدأ ” التقيا ” فتجعل بينها وبين هذه الممارسات ” مغفلين ” اشترتهم بالمال ” فأصبحوا أبواق إيران في المنطقة, وتدعمهم لوجستيا وعسكريا ومالياً كحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن, وعدد من الأحزاب المعارضة في البحرين والميليشيات التي تجوب سوريا والعراق تحتفل كل مساء بكمية الدماء التي تسفك وبحسب تحليل المشهد الذي نشره ” سمتك السعودي ” فإن الرئيس الأمريكي خلال فترة رئاسته للولايات المتحدة الأمريكية لم يؤدي أدوار هامة للتأثير على المجتمع الدولي لوضع حد لتجاوزات إيران في العالم وزعزعة أمن العديد من الدول وزرع جيوب إرهابية داخل الدول, وكون دول الخليج ملتزمة بحسن الجوار والمعاهدات الدولية فهي لا تستطيع حل النزاعات التي تشهدها الدول العربية تحديداً إلا بشكل نظامي وصريح, وهذا ما ظهر جلياً في ” عاصفة الحزم ” التي صدمت إيران والمجتمع الدولي كافة وجعلت من التركيز على حل هذه القضية وغيرها من قضايا الشرق الأوسط أمر محتوم.
يتوقع أن يقوم أوباما بتسويق المبادرة النووية الإيرانية لدول الخليج, وربما أن تكون قمة كامب ديفد قمة تشوبها ضبابية في الوضوح حول الآلية التي تعطي إيران الحق في امتلاك البرنامج النووي, لكن هذا البرنامج ربما سيجعلها تمتلك نفوذا في الشرق الأوسط وفي حال اعتدت على دول الخليج أو أي دولة أخرى سيجعل المجتمع الدولي يقف موقف الحياد وستواجه الدول في الشرق الأوسط مصير مجهول وتصارع أزماتها ذاتياً لا نستطيع أن نرجح كفة نجاح قمة كامب ديفد, لكن نجاحها مرهون بما سيتم تقديمه من ضمانات لدول الخليج لمواجهة أي اعتداء محتمل من إيران أو أي من حلفائها, وفي حال نجحت القمة في ذلك, فإن ذلك يتطلب أيضاً ضمان عدم تدخل إيران في حال قامت بعض الميليشيات بالعبث في دول الخليج وتدخلت إيران لدعمها وسط ” إلزام المجتمع الدولي بالحياد ” قمة كامب ديفد لابد أن تعطي الخليج ضمانات واسعة ولابد لدول الخليج أن تعزز من مشاريعها العسكرية وبدء فوري لتنفيذ اتفاق القمة التي جمعت رؤساء الدول العربية مؤخراً في مصر لإنشاء قوة الدفاع العربية المشتركة فهي حل لصد أي خيانة محتملة من قبل إيران أو حلفائها في المنطقة.
ولابد لقمة كامب ديفد أن تعي أن هناك حاجة ماسة إلى حل قضايا شائكة هي محور أمن الشرق الأوسط, فحل التدخل الإرهابي للحوثيين وصالح في اليمن أمر ملح, وحل تدخلات حزب الله في لبنان أمر ملح آخر, وحل النزاع في سوريا أمن للشرق الأوسط, والإسراع في حل ملف تنظيم داعش والقتال الطائفي في العراق ” إما بطاولة الحوار أو بالقوة الجبرية “, فليس من المعقول أن يعيش ملايين السنة والشيعة في الشرق الأوسط الإرهاب اليومي بسبب الصراعات بين القيادات الإرهابية من الطائفتين لنيل مقاعد سياسية وتغذية حساباتهم الشخصية واستمرار استغفال الشعوب التي تحلم أن تعيش بسلام, ومنطلق حل هذه النزاعات ” لجم رأس الفتنة إيران “.