أنهت الأندية السعودية معسكراتها الخارجية تأهبا للاستحقاقات المقبلة، وأهمها بطولة دوري المحترفين السعودي، حيث غلب على المعسكرات إقامتها في دول أوروبا، واحتضنت تركيا أغلبها.
واختلفت المعسكرات من حيث التكاليف المالية لكل معسكر، فالفرق التي ترغب في المنافسة على حصد الألقاب اختارت أن تكون معسكراتها في الدول الأكثر تطورا وكلفة مالية، والتي تعرف بأوروبا الغنية، فيما اختارت غالبية الأندية المعسكرات غير المكلفة ماليا تحسبا لمصاريف باهظة ستلتزم بها في الموسم الجديد، مع وجود استثناءات في هذا الجانب، حيث إن فرقا تعتبر متوسطة أو أقل من ناحية الإمكانيات أقامت معسكرات في دول غنية، مثل الخليج الذي أقام معسكره في إسبانيا، والتعاون الذي أقام معسكره في هولندا.
وبحسب تقديرات متعهد سعودي لإقامة المعسكرات الإعدادية في أوروبا، فقد كشف لـ«الشرق الأوسط» أن الأندية السعودية الـ14 أنفقت أكثر من 12 مليون ريال سعودي خلال الأسابيع الثلاثة التي تسبق انطلاقة الدوري من خلال إقامتها في أوروبا. وأشار إلى أن هناك تباينا كبيرا بين تكاليف إقامة المعسكرات الإعدادية بين النمسا وألمانيا وسويسرا وإيطاليا، وبين تكاليف المعسكرات في تركيا والتشيك كمثال.
وأضاف: «في النمسا وألمانيا وسويسرا وإيطاليا يتراوح حساب الفرد الواحد بين 140 و160 يورو، وبالتالي بالإمكان حساب القيمة الإجمالية من خلال عدد اللاعبين وعدد الأيام التي استعد فيها النادي السعودي في تلك الدول، في حين أن حساب الفرد الواحد للأندية التي تعسكر في تركيا أو التشيك يتراوح بين 80 يورو و100 يورو، وتقل إلى نحو 60 يورو في حال إقامتها في تونس أو مصر.
وشدد المتعهد السعودي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، على أن سبب إقامة المعسكرات الإعدادية يعود إلى الرغبة في التدريبات الصباحية، فضلا عن المحافظة على النظام الغذائي ومحاربة سهر اللاعبين الذي لن يكون ممكنا في حال أقيم المعسكر محليا.
واختارت بعض الفرق إقامة المعسكرات في دول عربية كما حصل مع الفتح الذي أقام معسكرا في تونس، والوحدة الذي أقام معسكرا في مصر. كما أن القادسية أنهى معسكره الخارجي الذي بدأه في تركيا بالتوجه إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي لخوض مباريات قوية هناك تعذر أن تقام في تركيا.
وبنظرة سريعة للمعسكرات الخارجية يظهر أن الهلال كان الأكثر استفادة من الناحية الفنية والمعنوية، بكونه أنهى معسكره الذي أقامه في النمسا بشكل مميز ظهر جليا في المباراة التي جمعته بغريمه التقليدي النصر في بطولة السوبر السعودي، والتي أقيمت في العاصمة البريطانية لندن، حيث فاز الهلال باستحقاق المستوى والنتيجة.
وكان الهلال قد بدأ الاستعداد للموسم الجديد مبكرا مقارنة بغالبية الأندية، حيث كانت الاستعدادات منذ أواخر شهر رمضان المبارك الماضي، وهذا ما جعل مستواه الفني واللياقي أفضل بكثير من النصر الذي فضل مدربه بدء الاستعداد الفعلي للموسم الجديد بعد عيد الفطر، حيث أقام كذلك معسكرا في النمسا.
الأهلي من جانبه، وهو أحد أفضل فرق الموسم الماضي وإن كان قد فقد الأهم في ذلك الموسم بالنسبة له وهو حصد بطولة الدوري، فقد أقام معسكرا في سويسرا، وخاض هناك عددا من المباريات الودية تأهبا للموسم الجديد الذي يطمح الأهلاويون في أن يكون أفضل من سابقه ويكسر الفريق السنوات العجاف التي مر بها لأكثر من 30 عاما ويحقق بطولة الدوري التي تعتبر المقياس الأول لأي فريق.
أما الاتحاد فقد أقام معسكرا بمدينة ميلانو الإيطالية في موسم يتمنى الاتحاديون أن يكون مختلفا، خصوصا مع عودة الدعم الكبير لهذا النادي من خلال الشرفي البارز منصور البلوي الذي أتم عددا كبيرا من الصفقات المهمة على مستوى اللاعبين المحليين والأجانب.
أما الشباب، الذي كان قد بدأ الموسم الماضي بقوه بحصد لقب السوبر السعودي قبل أن يتراجع بقوة في نهاية الموسم ويتعرض لهزات كثيرة في بقية البطولات خصوصا الدوري، فقد فضلت إدارته أن يقام معسكره في هولندا، وهي من الدول المتطورة جدا في لعبة كرة القدم وبها إمكانيات كبيرة يمكن أن تسهم في عودة الشباب إلى وضعه الطبيعي كمنافس بعد أن خاض في المعسكر هناك عددا من المباريات القوية.
التعاون كذلك، الذي كان الحصان الأسود في دوري الموسم الماضي وأسهم بقوة في حسم النصر بطولة الدوري قبل الجولة الأخيرة، أقام معسكره في هولندا تأهبا لموسم قوي لهذا الفريق الطموح. أما جاره الرائد، الذي ظهر في الموسم الماضي مهزوزا في غالبية المباريات ولاقى صعوبات كثيرة حتى ثبت أقدامه بين الكبار، فقد أقام معسكرا في تركيا.
وأقام الفيصلي كذلك معسكرا في تركيا، والحال نفسه لنجران.
وفي الساحل الشرقي، حيث سيمثل المنطقة في الموسم المقبل أربعة فرق في دوري المحترفين السعودي لأول مرة، فقد أقام الفتح معسكرا في تونس، فيما أقام جاره هجر معسكرا في تركيا. وفاجأ الخليج الجميع بمعسكر في إسبانيا، وقسم القادسية المعسكر إلى دولتين مختلفتين حيث بدأ في تركيا ثم انتقل إلى دولة الإمارات.
وأخيرا أقام الوحدة العائد مجددا إلى دوري الكبار معسكره الإعدادي في مصر.
وقد لا يختلف مسؤولو الأندية السعودية في رأيهم حول أهمية وفوائد إقامة المعسكرات الخارجية، حيث إن هذه المعسكرات تهدف إلى الإعداد القوي للموسم الجديد، ولكن في السنوات الأخيرة ومع ارتفاع درجة الحرارة في غالبية مناطق السعودية ودول الخليج العربي بل وفي غالبية دول الشرق الأوسط في فترة الإعداد تبدو أوروبا هي الأنسب من حيث الأجواء الباردة والمحفزة، وكذلك توافر الإمكانيات للإعداد، وكذلك إمكانية خوض مباريات ودية مع فرق قوية سواء أوروبية أو حتى خليجية تقيم معسكرات هناك.
من جانبه، قال التونسي ناصيف البياوي، مدرب فريق الفتح، عن المعسكرات الخارجية وتحديدا المعسكر الذي أقامه الفريق في تونس: «كان المعسكر ناجحا بكل المقاييس من خلال الإعداد الفريق فنيا ولياقيا وخوض مباريات ودية قوية ومفيدة مع فرق عملاقة على مستوى القارة الأفريقية سواء كانت فرقا تونسية أو جزائرية،
آخرها أمام الأفريقي التونسي وانتهت المباراة بالتعادل، حيث أظهر لاعبو الفتح جاهزية كبيرة خلال هذه المباراة والمباريات التي سبقتها». وأضاف: «المعسكرات الخارجية لا تمثل كل الاستعداد، فهناك انطلاقة للاستعدادات محليا، وهي مهمة جدا كذلك، ويجب أن يكون هناك تكامل وتنظيم في المعسكرات وتطبيق خطط للإعداد حتى يكون اللاعبون في كامل جاهزيتهم وقادرين على تحمل أعباء موسم طويل ومرهق من كل النواحي، سواء تعلق الأمر ببطولة الدوري أو البطولات الأخرى بما فيها البطولة الخليجية التي ستضاف إلى استحقاقات الفتح في الموسم الجديد، وهناك آمال كبيرة في أن يتحقق المزيد من الإنجازات لهذا الفريق»، مشيرا إلى أن المعسكرات لا تكون فوائدها مقتصرة على النواحي الفنية واللياقية بل لها إيجابيات كثيرة من حيث الانضباط.
من جهته، أكد فؤاد المسلم، مدير فريق هجر، أن المعسكر الذي أقيم في تركيا حقق الفوائد الفنية المرجوة، معتبرا أن اللاعبين باتوا في وضع فني مناسب للموسم الجديد. وأوضح أن المعسكرات عادة ما تكون لها إيجابيات، ومن بينها الجوانب الفنية واللياقية.
ويقف الجهاز الفني بقيادة نيبوشا على إمكانيات اللاعبين، وكذلك الطقس يكون مساعدا على تطبيق الخطط المرسومة، ولذا لا يعتبر المعسكر الخارجي «نزهة» كما يصفه البعض، بل إنه إحدى الخطوات الإيجابية للموسم الجديد.
رئيس نادي الخليج المهندس فوزي الباشا، والذي اختار لفريقه هذا الموسم معسكرا في إسبانيا، أثنى على معسكر فريقه مشددا على أن كل عوامل نجاح المعسكر توافرت سواء على مستوى الملاعب أو مرافقها الجيدة، مشيدا بانضباطية لاعبي الفريق وتطبيقهم للبرنامج الإعدادي الذي رسمه جلال قادري المدير الفني للفريق.
وأكد أن «المباريات الودية التي أقامها الفريق خلال معسكره بإسبانيا كانت مفيدة جدا، حيث حاول المدرب جلال قادري الوقوف على مستويات اللاعبين وتطبيق التكتيك المناسب، وقد لاحظنا ارتفاع مستوى اللاعبين من مباراة لأخرى»، معترفا بأن فريقه فقد عاملا مهما لنجاح المعسكر يتمثل في عدم مرافقة اللاعبين المحترفين غير السعوديين لبعثة الفريق في المعسكر نتيجة الظروف التي أجبرت الإدارة وبالتفاهم مع الجهاز الفني على وضع برنامج تأهيلي خاص في سيهات.
من جانبه، أكد عبد الله الدخيل، مدير الكرة بنادي التعاون، أن المعسكرات الخارجية «موضة» ومن الصعب التخلي عنها خصوصا في ظل الأجواء الحارة التي تعاني منها السعودية وغالبية دول الشرق الأوسط، ولذا لا ملاذ عن التوجه إلى إحدى الدول التي تتمتع بطقس معتدل أو بارد مناسب، وتكون هناك إمكانيات نجاح المعسكر من حيث توافر الأدوات والأجهزة والإمكانيات، إضافة إلى خوض المباريات الودية التي تعطي الجهاز الفني صورة واضحة عن مستوى اللاعبين وجاهزيتهم الفنية.
وأكد أن كل ناد حسب إمكانياته الفنية يمكن أن يختار المعسكر المناسب له من الناحية المادية والإعداد الفني من خلال خوض المباريات مع الفرق القوية الموجودة في أوروبا، ولذا لا يمكن أن تكون جميع المقاييس للمعسكرات واحدة.