من أخطر الدراسات الخاصة بشعبية جهاز التلفزيون خصوصا في السعودية وحسب ملتقى الاعلام والاعلان الذي عقد مؤخرا بالرياض، نجد ان الخطورة الاكبر التي يواجهها هذا الجهاز التاريخي والهام هو هروب " المرأة " عنه وانشغالها بالاجهزة الذكية من هواتف او اجهزة لوحية.
ففقدان القائمين على التلفزيون من معلنين وقائمين عليه للمرأة وخصوصا في السعودية يعتبر مؤشرا خطيرا يخشاه المعلنون بصورة خاصة، فحسب الدراسات ان نسبة اكثر من 28% من مستخدمي الاجهزة الذكية لديهم توجه عن استخدام التلفزيون لصالح الاجهزة اللوحية، وهذا ما جعل د.احمد الصقر مدير قناة عالي الفضائية لاعلان اهمية توجه ملاك القنوات الفضائية لايجاد تطبيق تفاعلي لقنواتهم وله خيارات متعددة يتناسب مع الاجهزة الذكية، بحيث لا يكون طموحهم انتظار المشاهد للاطلاع على شاشتهم التقليدية وانما عليهم البحث عن المشاهد بتوفير تطبيق تلفزيوني غير تقليدي، في ظل نمو كبير للاجهزة الذكية بالمملكة وصلت نسبته الى اكثر من 60%.
والحقيقة انا شخصيا لمست هذا التطور في مغازلة الاجهزة الذكية من القنوات الفضائية الكبرى، حيث وجدت شبكة OSN مهتمة بهذا الامر، وتتيح للمشاهد المشترك في شبكتها امكانية التمتع ببرامجها في اي وقت وعبر الاجهزة الذكية وبصورة تفاعلية مع المشاهد الذي اصبح يتنقل بما يشاهده وليس العكس بضرورة ملازمته وبصورة مباشرة لشاشة التلفزيون وفي اوقات محددة، وهذا التطور الذي اوجدته الاجهزة الذكية ساهم بصورة كبيرة في تفوق مشاهدي الاعلانات التجارية على الاجهزة الذكية بنسبة وصلت الى 93% ، بينما نسبة مشاهدة الاعلانات التجارية من خلال جهاز التلفزيون لازالت عند مستوى 70% ، مما يجعل هروب المرأة من عشقها الاول التلفزيون الى الاجهزة الذكية نقطة تحول لمسئولي القنوات الفضائية لتطوير تقنياتهم بما يتناسب مع التطور التقني الذي تشهده وسائل الاتصالات عبر الاجهزة الذكية ، فالعائلة الواحدة داخل المنزل لم يعد التركيز الوحيد لهم شاشة التلفزيون التقليدية فقط، وانما تجد الكل مشغولا بجهازه الذي يملكه، والكل يتابع الذي يهمه، مما اوجد لدينا اختلافات كثيرة في ثقافة المشاهدة.!
فجهاز التلفزيون الاختراع العظيم الذي شهده هذا العصر، والذي كان ثورة خلاقة عند انطلاق بثه عندنا في السعودية، والذي ارتبط بطرائف تاريخية سبق ان سلطت على جزئية منها بمقال لي بمناسبة المئوية، والذي ذكرت فيه كيف استقبلت والدتي وصديقاتها رحمهن الله التلفزيون (بالغطاء على الوجه) كلما ظهر المذيع امامهن، اقول ان التلفزيون حاليا امام تحد وخطر كبير، مهما حاولت شركات تصنيع التلفزيون الشهيرة لتطوير اختراعه بصورة مدهشة، لان المشاهد اصبح لديه خيارات متعددة، لا تعتمد على نجاح او شعبية قناة معينة، وانما نوعية ما يرغب هو ان يشاهده وليس ما يتم فرضه عليه، فمهما تعددت القنوات الفضائية لابد لها ان لاتكون حبيسة الشاشة التقليدية، ان تبحث الفضائيات وبصورة سريعة عن متطلبات السوق، وتحاول ان تعالج هروب المرأة عن عشقها القديم التلفزيون