أكد الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة، الأمير تركي بن ناصر بن عبد العزيز، سعي «رئاسة الأرصاد» الدائم إلى تطوير وتفعيل كل السبل الممكنة وتطويع التكنولوجيا المتوفرة لحماية الأفراد والممتلكات من العواقب المتوقعة لظهور المؤثرات الجوية والتلوث البيئي، مشيرا إلى أنها استحدثت مؤخرا برامج ووسائل ليتعرف الجمهور على أحوال الطقس ومنها، النظام الآلي للإنذار المبكر الذي يعد الأول عربيا في تقديم معلومات الظواهر الجوية عن أجواء المملكة ويعمل على مدار الساعة.
وتحدث الأمير تركي بن ناصر عن وجود مؤشرات تدل على انخفاض في تكاثر بعض أنواع الأسماك، لأسباب منها أعمال الردم والتجريف للواجهات البحرية وما ينتج عنها من أضرار نتيجة انتشار العوالق الترابية ضمن المياه، وما يصاحب ذلك من قتل للشعاب المرجانية، إضافة إلى التصريف المباشر إلى البحر.
ولفت إلى أنه لا يوجد ما يدعو للقلق في جميع المدن السعودية، وتحديدا الصناعية منها، حيال تلوث الهواء، إذ تتم مراقبة أجواء المملكة على مدار الساعة وتدل البيانات المسجلة لدى «الأرصاد» على استقرار الوضع البيئي لجودة الهواء، مشيرا إلى وجود بعض التجاوزات المرتبطة بظروف مناخية وعمليات التشغيل في بعض الصناعات في المدن الصناعية.
وأضاف أن «الأرصاد» تدرس الاستفادة من تثبيت محطات رصد التلوث العائمة التي ترسل إشارات لا سلكية إنذارية فور حدوث أي تلوث بالمنطقة المثبتة بها هذه المحطات، مؤكدا أن المملكة تبذل جهودا حثيثة لمكافحة التصحر والحد من انتشاره على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.
ودعا إلى الاستفادة من مياه الصرف الصحي، معتبرا أنها ثروة يمكن من خلالها ري الأراضي أو الاستفادة منها في الاستزراع، بعد معالجتها ضمن برامج معدة لذلك.
وفي ما يلي نص الحوار:
* في البداية.. كيف تتعاملون مع تنامي ظاهرة تلوث مياه البحر الأحمر والخليج العربي؟
– العالم يعاني من الملوثات العضوية، وذلك بإلقاء مخلفات الصرف الصحي غير المعالجة جزئيا في البحار، ونحن نعمل بالتنسيق مع الجهات المنفذة لمشاريع شبكات الصرف الصحي وأمانات المدن للاستفادة من مياه الصرف المعالجة بأقصى حد ممكن، سواء في الري أو الاستزراع، أو الوسائل التي يمكن الاستفادة منها، وألا تكون مهدرة، كون هذه المياه ثروة لا بد من الاستفادة منها، وإن كان لا بد من إلقاء جزء منها في البحر فلا بد أن تكون حسب المعايير والمقاييس البيئية المتعارف عليها دوليا، أما بخصوص التلوث النفطي نتيجة حوادث ارتطام أو جنوح ناقلات البترول، فإن لدى المملكة خطة وطنية لمكافحة التلوث من الزيت والمواد الضارة الأخرى، والرئاسة هي الجهة المنسقة في ذلك.
* هل هناك دراسات حيال ما تعرضت له منطقة الخليج من تغير مناخي أو تلوث بيئي؟
– تم إجراء عدد من الدراسات الميدانية، بعد حوادث التلوث الكبيرة في المياه الإقليمية السعودية المطلة على الخليج العربي والناتجة عن حربي الخليج الأولى والثانية، وذلك بالتعاون مع معاهد بحوث محلية ودولية، في إطار برنامج إعادة تأهيل المناطق المتضررة من حرب الخليج «السواحل السعودية الشرقية»، وبدأ البرنامج بمسوحات تلتها مشاريع التأهيل من خلال شركات متخصصة عالمية ومحلية، ولا يزال العمل جاريا لإعادة هذه المواقع ووضعها الطبي وفقا للبرنامج الزمني المعد لذلك.
* ما أنواع محطات رصد التلوث التي تتعامل معها الرئاسة.. وهل هناك نية لتثبيتها؟
– الرئاسة العامة للأرصاد لديها نظرة مستقبلية حول إمكانية الاستفادة من التقنية الحديثة، وندرس إمكانية الاستفادة من تثبيت محطات رصد التلوث العائمة التي ترسل إشارات لاسلكية إنذارية فور حدوث أي تلوث بالمنطقة المثبتة بها هذه المحطات، علما بأن الرئاسة تمتلك قياساتها الأوتوماتيكية الروتينية للمعلومات البحرية الأساسية مثل تركيزات الملوحة وسرعة واتجاه التيارات البحرية وغيرها من القراءات التي يمكن برمجة المحطات لرصدها.
* إلى أين وصل موضوع الاحتباس الحراري؟ وما موقف المملكة في هذا الجانب؟
– المملكة ملتزمة بأداء دورها في الحد من التغيرات المناخية ودعم البحث والتطور التقني، إذ نفذت وتنفذ عددا من المبادرات لدعم جهود البحث والتطوير المتعلقة بالطاقة والبيئة، وهي واضحة وجلية للجميع، كما أنها شاركت بفاعلية في نشاطات الهيئات الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، ولا بد أن ندرك أن المنظمات الدولية تستند إلى المعلومات الواردة والمراجع الموثقة من الخبراء من جميع مناطق العالم.
وتقوم الرئاسة العامة للأرصاد، من منطلق دورها وبالتنسيق مع الجهات المعنية مثل وزارة المالية، ووزارة البترول والثروة المعدنية، ووزارة الزراعة، ووزارة الكهرباء والمياه، والجامعات، ومعاهد البحث العلمي، بتقييم الوضع البيئي الراهن ودرس الآثار البيئية المحتملة التي يمكن أن تنجم عن ظاهرة التغير المناخي في المملكة، وكيفية الاستجابة والتأقلم مع هذه الظاهرة.
* كيف تتعامل الرئاسة مع التصحر، وهل هناك تنسيق مع جهات أخرى؟
– المملكة تبذل جهودا حثيثة لمكافحة التصحر والحد من انتشاره على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، وذلك من خلال الأجهزة الحكومية والتنسيق فيما بينها للقيام بهذا الجهد، فنجد أن وزارة الزراعة لها الدور الأكبر في مكافحة التصحر، باعتبارها الجهة الوطنية المسؤولة عن تنفيذ ومتابعة بنود الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر، في حين يتركز دور الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في إجراء الدراسات الميدانية البيئية، ورصد عناصر الأرصاد وتحليلها ثم تطبيقها لمراقبة الجفاف الناشئ، وأعدت الرئاسة ونفذت مشروع الدعم البيئي للبادية لمعرفة الممارسات البشرية الخاطئة من رعاة البادية في محاولة للحد من تدهور المراعي وتقديم خدمات الدعم البيئي بما يكفل تطوير حرفة الرعي.
* ما المدن السعودية الأعلى تسجيلا لتلوث الهواء وهل يفوق المعدلات العالمية؟
– لا يوجد ما يدعو للقلق في جمع المدن السعودية، وتحديدا الصناعية حيال تلوث الهواء، عدا بعض التجاوزات الموضعية المرتبطة بظروف مناخية وعمليات التشغيل في بعض الصناعات في المدن الصناعية، أو مخالفات المصانع والتي تطبق عليها لوائح النظام العام للبيئة والمقاييس البيئية المعنية بجودة الهواء حسب المخالفة المرصودة، كما أن لدى الرئاسة برنامجا وطنيا لمراقبة جودة الهواء يتكون من محطات ثابتة ومختبرات متحركة منتشرة في أرجاء المملكة كافة، ومرتبطة آليا بالمركز الرئيس للرئاسة، وتتم مراقبة أجواء المملكة على مدار الساعة وتدل البيانات المسجلة لدى الرئاسة على استقرار الوضع البيئي لجودة الهواء.
* هل هناك نية لتحديث وسائل الاتصال، خصوصا مع الظروف الجوية التي مرت بها المملكة مؤخرا؟
– نعمل في الرئاسة العامة للأرصاد على تطوير وتفعيل كل السبل الممكنة وتطويع التكنولوجيا المتوفرة لخدمة رسالتنا في الرئاسة العامة للأرصاد، والمتمثلة في حماية الأفراد والممتلكات من العواقب المتوقعة من ظهور المؤثرات الجوية والتلوث البيئي، إذ سعت الرئاسة مؤخرا إلى استحداث برامج ووسائل ليتعرف الجمهور على أحوال الطقس، ومنها النظام الآلي للإنذار المبكر التي استحدثته الرئاسة مؤخرا، والذي يعد الأول عربيا في تقديم معلومات الظواهر الجوية عن أجواء المملكة ويعمل على مدى 24 ساعة، إضافة إلى الوسائط الإعلامية المختلفة وبرامج التواصل الاجتماعي، علما بأن الرئاسة تقوم بالتنسيق الكامل مع الجهات ذات الاختصاص في تمرير معلومات أحوال الطقس وفقا للخطة المصادق عليها من وزارة الداخلية.
* ماذا عن الآليات المتبعة والإجراءات التي يتم اتخاذها وهل هي كافية لضبط معالجة النفايات الطبية أم يحتاج الأمر إلى مؤسسات استثمارية في هذا الجانب؟
– إن ما يتولد وينتج من المخلفات الطبية كفيل بإحداث أمراض أخرى وتأثيرات على البيئة المحيطة بها، وعلى هذا الأساس أسندت وزارة الصحة والقطاعات الصحية الأخرى مهمة التخلص من نفايات الرعاية الصحية إلى مؤسسات استثمارية تصدر تصاريحها من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، وتعنى هذه المؤسسات بنقل ومعالجة والتخلص من النفايات الطبية بطرق سليمة بيئيا مستخدمة أفضل التقنيات، أما فيما يخص تقيد المستشفيات بتعليمات معالجة النفايات الطبية، فإن هناك دورا بارزا تقوم به وزارة الصحة والقطاعات الصحية التابعة لجهات حكومية، في حين تقوم القطاعات الصحية بالتنسيق مع الرئاسة لضبط المخالفات وإيقاع العقوبات المناسبة للمستشفيات التي لا تلتزم بالأنظمة البيئية، كما قامت الرئاسة بمخالفة ومعاقبة شركات متعاقدة للتعامل مع النفايات الطبية التي لا تلتزم بالمعايير المنصوص عليها، وقد تصل العقوبة إلى سحب ترخيص الشركة.
* تتحدث بعض التقارير المحلية والعالمية عن نفاد المخزون السمكي في السواحل السعودية.. ما مدى دقة ذلك.. وهل هناك عقوبات على من يسيء استخدام البحار؟
– نفاد المخزون السمكي في المملكة غير منطقي، ولكن هناك مؤشرات تدل على انخفاض في تكاثر بعض أنواع الأسماك، تعود مسبباتها إلى عدة عوامل منها أعمال الردم والتجريف للواجهات البحرية وما ينتج عنها من أضرار نتيجة انتشار العوالق الترابية ضمن المياه وما يصاحب ذلك من قتل للشعاب المرجانية، التي تعتبر بيئة خاصة وموطنا للكثير من الأحياء البحرية إضافة إلى أن أعمال التصريف المباشرة إلى البحر لها دور أيضا في التأثير على بيئات كثيرة من الكائنات البحرية.
إضافة إلى ذلك، فإن ازدياد المجهود (الصيد الجائر) له دور في انخفاض مستوى المخزون السمكي، ولمعالجة هذا الموضوع لا بد من التكاتف بين الجهات المعنية والتنسيق فيما بينها لتطبيق ما لديها من أنظمة والعمل على إيجاد الحلول المناسبة للمحافظة على البيئة البحرية ومواردها الطبيعية ومنها الحد من أعمال الردم والتجريف وتصريف الملوثات إلى البيئة البحرية والعمل على حماية الشعاب المرجانية ورفع درجة الوعي لدى الصيادين ومستخدمي الوسائط البحرية المختلفة بأهمية الشعاب المرجانية وكيفية المحافظة عليها وكذلك تطبيق ما تنص عليه الأنظمة من عقوبات وغرامات مالية بحق كل من يخالف ما تنص عليه تلك الأنظمة.