سمعنا وقرأنا العديد من القصص عن ظاهرة هروب الأطفال أو الشباب من ذوي اضطراب التوحد أوخروجهم من المنازل، مما يعرضهم للخطر، ويجعل حياة أسرهم في قلق حقيقي ومستمر، ويتعاظم القلق حين ندرك أن هذا السلوك المثير المخيف "كامن في طبيعة التوحد ذاتها''. كما في تعليق لوكالة رويترز
وفي هذا الموضوع لنا قصة حديثة وتجربة مريرة لا أعادها الله، فقد كنا نتناول طعام الغداء وإذا بابني محمد الذي يبلغ العاشرة من عمره يقوم من على طاولة الطعام ليحضر الماء ليشرب، وفجأة ودون سابق إنذار، ودون هدف معين قرر أن يخرج من المنزل لتكون "ساعة الهروب قد حلّت" فُجعت بالبحث عنه في كافة أرجاء المنزل، واستدركت أنه قد يكون خرج من المنزل حيث نسكن على شارع الأمير تركي الأول، وحدث الاستنفار العائلي، فبعضهم ذهب بسيارته الخاصة وبعضهم خرج ركضاً على الأقدام يبحث عنه في حديقة حي المحمدية ويسأل الجيران وسائقي المنازلوكل من قابل، ويطلق النظر في الحفريات ومواقف السيارات، كل ذلك في حالة من الهلع. وبعد فترة من البحث أجريت اتصالاً بالدوريات الأمنية " ساعة كانت من أفظع لحظات حياتي" كلها توتر وألم! وبدأ الفرج حين قام رجال وحماة الوطن والمواطن بارك الله فيهم، بالتعميم والتبليغ لكافة الدوريات في تلك اللحظة
شكرا من القلب، أبطالنا وجنودنا في الدوريات الأمنية فقد عثروا على ابني محمد متجهاً إلى شارع التخصصي بعد عشرين دقيقة من التبليغ! إنهماالبطلان الباسلان الأستاذ محمد سعود العتيبي والأستاذ نواف سعد الحربي أكثر الله أمثالهما حيث تعجز الكلمات عن شكرهما وعلى كل ما يقدمانه بإخلاص في عون الناس وتطمينهم، لهما الشكر خاصا، ثم لكل عين سهرت وأخلصت في بثّ الأمن والسكينة في مملكتنا الحبيبة.
أعود إلى لبّ المشكلة فأقول إن هروب ذوي اضطراب التوحد من السلوكيات الشائعة، وهي ظاهرة مستمرةمنذ الأزل، وهو ليس -في الأغلب ناتجاً عن ضعفعناية الأسرة بطفلها، بل مردّه في الغالب يرجع إلى طبيعية الطفل ذي التوحّد، تلك الطبيعة النزّاعة إلى الاستكشاف والتحرر من القيود والمراقبة والملاحظة المستمرة ... وغيرها. نحن في هذا الصدد أمام مشكلة خطيرة تتطلب تكاتف الجميع بالبحث عن حلول مختلفة لصدّها، أو معالجات للوقاية من وقوعها،سواء كان ذلك الهروب من منزل ذي التوحد أو من أي مكان آخر.
نحن بحاجة إلى كاميرات مراقبة أمنية في الأحياء،وزيادة المبتكرات التي تحدّ من ظاهرة هروب ذوي التوحد ومحاولة تتبعهم ووقايتهم من المخاطر كربط جرس الإنذار على أبواب المنازل عند الفتح والإغلاق لتنبيه الأسر، وكارتداء الملابس التي توضح أن الفردمن ذوي اضطراب التوحد، كما أن ذوي التوحدمعرضون للاختطاف -لا قدّر الله- بطريقة أسهل وأسرع من غيرهم وذاك لقلة إدراكهم للمخاطر. لذا ينبغي وضع المقترحات التطويرية للوقاية من تلك المخاطر.اللهم إننا نستودعك أبناءنا فاحفظهم من كل مكروه