لم تدخر السعودية جهداً ولا مالاً في سبيل حشد جهودها لإنشاء مركز لمكافحة ظاهرة الإرهاب التي تعيشها الدول، فبعد أن تحملت مسؤولياتها – كدولة تعاني من الإرهاب – ونادت منذ نحو 8 أعوام بإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، على هامش المؤتمر الدولي الذي استضافته العاصمة السعودية الرياض، عادت المملكة أول من أمس وجددت دعوتها لإنشاء المركز المنتظر، كما أعلنت عن دعمه مالياً ليقوم على الأرض ويخدم الإنسان فكراً وأمناً.
وظلت المملكة، التي شهدت عمليات إرهابية ضد أمنها واستقرارها منذ نحو عقد ونصف العقد، حاضرة في كل المحافل الدولية، تدعو إلى إنشاء المركز الذي تزداد الحاجة إليه يوماً بعد يوم، إلا أن دعواتها قابلها استحياء من بعض الدول المؤثرة لإطلاقه.
وانتقد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمته التي وجهها أول من أمس – بمناسبة حلول عيد الفطر – الجهات التي تراخت في تفعيل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، وقال: «من يتخاذل في هذا الشأن فقد أحاط نفسه بدائرة الشكوك والتهم، فلا تراخي في حسم هذا الأمر الجلل، ولا أنصاف في حلوله، ولن ننتصر على هذا الشر ما لم تتضافر الجهود وتصدق المواثيق والعهود، لتؤدي أمانتها التاريخية وتتحمل مسؤوليتها الكاملة تجاه كل ما يهدد الأمن والسلم للعالم أجمع، ولنا في وقائع التاريخ بصيرة وعظة».
وأضاف: «علينا أن ندرك بأن خطر الإرهاب لن يتلاشى أو يزول في زمن محدد، لذلك فحربنا ضده ربما تطول وتتوسع، وقد يزداد شراسة وعنفاً كلما ضاق الخناق عليه».
وسبق أن اعتبر خادم الحرمين الشريفين في المؤتمر الثاني للمجلس التابع للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب الذي استضافته المملكة قبل عامين، أن «الإرهاب ظاهرة لم تعد محاربتها شأناً محلياً ينحصر في حدود دولة ما»، داعياً إلى تكاتف المجتمع الدولي لمواجهته.
وقبل نحو أربعة أعوام أعلنت وزارة الداخلية السعودية أنها صدّت أكثر من 200 عملية إرهابية كانت ستنفّذ ضد منشآت نفطية وأمنية في بعض المناطق، كما أعلنت ضبط العديد من عناصر تنظيم القاعدة، ولا تزال تطارد بعض المنتمين إلى التنظيم عبر الشرطة الدولية (الإنتربول).
وفي أول رد فعل على دعوة خادم الحرمين لإعلان تبرع المملكة بـ 100 مليون دولار، أثنى وزير الخارجية الأميركي جون كيري على تبرع المملكة «السخي» لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.
وقال كيري في بيان أمس (الخميس)، إن «تبرع الملك عبدالله السخي بمناسبة عيد الفطر أظهر مرة أخرى التزام المملكة العربية السعودية بدعم المؤسسات المتعددة الأطراف، وتعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب».
وأعرب عن أمله بأن «يتمكن فريق تطبيق سبل مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، الذي يشكل المركز عنصراً أساسياً منه، بواسطة هذه الأموال، من تعزيز عمله في مجال توفير الدعم لبناء القدرات الطويلة الأمد، الذي تحتاج إليه الدول لتنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب»، يذكر أن المملكة سبق أن قدمت 10 ملايين دولار فور دعوتها لإنشاء المركز في العام 2005.