في الوقت الذي تنفذ فيه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام، أظهرت دراسة حديثة عن أن التقليل من استخدام السيّارات والاتجاه إلى الوسائل العامة للنقل تساهم في تخفيض أعراض زيادة الوزن بنسبة تصل إلى الثلثين، وهي نسبة كبيرة جديرة بالاهتمام نحن بأمس الحاجة إلى تلك المشاريع الجبّارة التي لا يقتصر أثرها على تطوير المدن في المملكة، وتخفيف الاختناقات المروريّة، وإنما يمتد إلى جوانب صحيّة في ظل معاناة مجتمعنا من انتشار أمراض ارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب، فنسبة الرجال السعوديين المصابين بالسمنة (70%) والنساء (75%)، وبذلك احتلت السعودية المرتبة الثالثة عالمياً في السمنة، وهو ما يدقّ ناقوس الخطر لدينا، ويستوجب تحركات عاجلة لإيجاد حلول ناجعة، والمطالبة هنا ليست موجهة وزارة الصحة فقط، وإنما كافّة المؤسسات الحكومية منها والأهلية.
لنا أن نتخيّل بأن 20 ألف مواطن يموتون سنوياً بسبب السمنة، كما أن ما نسبته (42%) من حالات الوفيّات بالمملكة مرتبة بأمراض القلب الناتجة عن السمنة كذلك، والجهد البدني الذي سيفرضه إنشاء المترو ولو لأمتار قليلة سيساعد في حرق عدد لا بأس به من السعرات الحراريّة المخزّنة في أجسادنا، بدلاً من الاتجاه المباشر نحو المركبة الخاصة دون بذل أي مجهود يستحق الذكر المشاريع الوطنيّة ذات الأبعاد الصحيّة مطلب إن أردنا مواجهة مشكلات السمنة الآخذة في الانتشار، والمساهمة في شلّ حركة تطوّر المجتمع، والتي تستهلك ما يقارب (274) مليار ريال من ميزانيّة الدولة فضلا عن استنزافها لمصادر دخل المواطنين، وبالإمكان تخفيض تلك الكُلفة الباهظة إن تمكنّا من رفع مستوى وعي المواطن بأهميّة الاستفادة من المشاريع المتاحة لتحقيق أهداف صحيّة.
خطوة الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في تنفيذ مشروع "المترو" تُعد رائدة وتستحق أن تستنسخ التجربة في كافّة مدن المملكة الكبرى، إذ الأمر لا يقتصر على الجوانب الصحيّة فحسب، بل تطال إيجاد فرص وظيفيّة للكفاءات السعوديّة، وإحداث نقلة نوعيّة في تنمية المدن وفكّ الاختناقات المروريّة التي لها انعكاسها السلبي في رفع معدلات التوتّر، فضلاً عن تقليلها لمعدلات الوفيّات في حوادث السير البالغة (17) حالة وفاة يومياً