تحولت الهويّة الوطنيّة السعوديّة داخل أروقة الوسط الفني إلى ورقة اليانصيب، وتحديداً لدى العنصر النسائي، فعندما تطلّ الفنانة على المشاهدين بوصفها سعوديّة فإنها تحقق لذاتها شهرة واسعة في مدّة زمنيّة قصيرة، حتى وإن كان أداؤها الفني مخجلاً أو سطحياً.
الحقيقة أن معظم الفنانات المجيدات للهجة السعوديّة المشاركات في الأعمال الفنية المحلية ينتمين إلى دول عربيّة أخرى، لكنهنّ يتعمدن إخفاء ذلك الانتماء بالتعاون مع المنتجين السعوديين الذين يفكرون أولاً بالعوائد الماليّة من الإنتاج الفني حتى وإن تعارض ذلك مع أخلاقيّات المهنة، ويبدؤون بإيهام المشاهد وبث رسائل غير مباشرة عبر وسائل الإعلام التقليديّة والجديدة للتصديق بأن من تقف أمامهم هي فتاة سعوديّة قادرة على التعبير عن هموم المجتمع إن سلّمنا بأن أحد مقاصد الفنّ هو إيجاد حلول للمشكلات الاجتماعيّة وفهم الظواهر المستجدة ، نحن لسنا بصدد حديث متحزّب أو عنصري يرفض الآخر أيا كان انتماؤه، لكنّ الادعاءات الكاذبة والانتماء المزيّف لا يمكنهما أن يصنعا عملاً فنياً جديراً بالتقدير، فالعمل السينمائي الرصين لا يتأسس على شخصيّة تجيد اللهجة فحسب، إنما ينطلق إلى مواطن أبعد من ذلك كطبيعة الأدوار ومدى ملاءمتها لتكوين المرأة السعوديّة فكرياً، إضافة إلى خلفيّات الشخصية الثقافية وسحنتها وملامحها الخارجيّة، علاوة على أهمية إدراكها لمشكلات المجتمع لتقرن المشهد التمثيلي بالإحساس الداخلي الذي يصل إلى المشاهد قبل حركات الجسد.
معظم الأعمال الفنيّة السعوديّة تأتي باهتة وتظهر بالمظهر النشاز وكأنها تنتمي إلى مجتمع آخر، وفي الغالب لا تصل رسالتها بالطريقة المناسبة للمتلقي؛ لأن معظم أفكار النصوص السينمائيّة منقولة من أعمال فنية تنسجم مع واقع مجتمعات أخرى وإن صادفنا مرّة نصاً سعودياً مميزاً فإنه حتما سيصطدم بوجود فئة من الفنانات المتسعودات اللاتي تحولن إلى عامل من عوامل التدهور في الإنتاج الفني السعودي إلى جانب عوامل أخرى كترهل السيناريو وضعف تقنيات الإنتاج وتحوّل ذهنيّة المنتجين إلى الاستثمار وحده بدلأً من التفكير في تقديم عمل يليق بذائقة المشاهد الذي أسهمت العولمة السينمائية في زيادة وعيه الفني وبات بمقدوره أن يرى حجم البون فيما بين الأعمال المحليّة المتواضعة ونظيرتها العالمية ذات الأفكار الخلاقة.