قدر الكاتب الاقتصادي المعروف عبد الحميد العمري ان العقار في السعودية سوف يتأثر بهبوط اسعار البترول ، وبالتالي انخفاض قيمة العقار بسبب ذلك بالاضافة الى عوامل اخرى مصاحبه قد تدفع المؤشر العقاري لفقدان مايقارب 75% من اسعاره الحالية لهذا العام 2014 ، قراءة العمري لواقع السوق العقاري جاءت عبر مقال كتبه في صحيفة الاقتصادية السعودية بعنوان ( المواطن وتراجع اسعار النفط )
المقال كامل كما نشر :
أحاول هنا الإجابة بلغة ميسرة، ومفهومة قدر الإمكان، على عديد من تساؤلات المواطن تجاه ما يشاهده من تقلبات في الأسواق العالمية، التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة لحظة بلحظة، دون الخوض في التفاصيل الدقيقة لما يجري في الوقت الراهن على مستوى الأسواق العالمية المختلفة، والتداعيات المحتملة على أداء الاقتصادات حول العالم.
وجد نفسه على الرغم من كثافة تدفق تلك الأخبار والتحليلات في حيرة من أمره، وقد نرى تلك الحيرة انعكست عليه بصورة دعته إلى القلق، وعدم القدرة على اتخاذ عدد من القرارات، كأن يشاهد تلك التطورات قد انعكست على استثماراته في سوق المال المحلية، أو يجدها تؤثر على استثماراته العقارية إن كان مالكا، أو على تكاليف إيجار منزله إن كان مستأجرا، أو يجدها تؤثر على مصروفاته الاستهلاكية سواء على السلع المعمرة أو الخدمات أو السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية، عدا حيرته تجاه ما يمكن أن يفضي إليه المستقبل خلال الأعوام القليلة المقبلة، وتفكيره المنصب على أسرته وبحثه المستمر في الخيارات الأفضل بالنسبة له على مستوى العمل والمسكن، وعلى مستوى كل ما يمكن أن يشغل حيزا من تفكيره تجاه مصيره ومصير أسرته.
من تلك الأسئلة:
1) ما أثر ما يجري على مستوى الدخل، والظروف المعيشية؟ 2) هل سيترتب على تلك التطورات الراهنة والمستقبلية أي آثارٍ سلبية على الحياة المعيشية؟ 3) هل سيزيد التضخم وارتفاع تكاليف وأعباء المعيشة، أم أنها ستتراجع وتتحسن مقارنة بالسنوات الماضية التي أكلت من الدخل الحقيقي نحو 55.0 في المائة؟ 4) هل ستتأثر استثماراتي في سوق الأسهم المحلية؟ 5) هل سترتفع أسعار العقارات ومن ثم تكلفة الإيجارات، أم أنها ستتراجع وتتراجع بدورها تكلفة الإيجار؟ 6) هل سينتج عن تلك التطورات تحسن فرصة امتلاك المسكن، أم أنها ستزداد تعقيدا أكثر ما هو عليه الوضع الراهن؟ 7) هل سيواجه الباحث أو الباحثة عن فرصة العمل تحديات أكبر مما مضى، أم أن الأمور والفرص ستكون أفضل مما مضى؟ 8) أمام كل هذه المتغيرات والتطورات المتسارعة، ما الذي يجب القيام به ضمن حدود الخيارات المتاحة لدى أي من المواطن والمواطنة؟
أسئلة عديدة في ذهن أغلب الأفراد على سبيل المثال لا الحصر، تبحث عن إجابات شافية ومفهومة، يفترض أن توفر للمواطن بناء على فهمها أرضا صلبة، تمكنه من اتخاذ قراراته المختلفة على بينة من أمره، وفيما تحقق له مصلحة وفائدة، أو تدفع عنه آثارا سلبية كان سيدفع ثمنها لقلة حيلته، وتدني قدرته على ترجمة ما يشاهده من تطورات في مصلحته الخاصة.
بداية، اجتهد الكاتب في بلورة كل تلك التطورات الراهنة والمحتملة مستقبلا من مصادر رسمية ودولية معترف بها، وتبسيطها في لغة بعيدة قدر الإمكان على مفردات الاقتصاديين ليتفهمها القارئ غير المختص في علوم المال والاقتصاد، ودون أن يحتمل حديثي هنا توجيه أية توصية باتخاذ قرار بعينه، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.
يقدر التراجع الذي طرأ على سعر النفط منذ تاريخ 8 آب “أغسطس” الماضي حتى اليوم بنحو 30.0 في المائة، قابله في الفترة نفسها ارتفاع في مؤشر قيمة الدولار ومن ثم الريال بأكثر من 10.0 في المائة، وحسبما تشير التقديرات الصادرة عن صندوق النقد الدولي وغيرها من الهيئات الدولية حتى تاريخه، أن سعر النفط “برنت” سيبقى يتحرك في نطاقات سعرية (60 دولارا كحد أدنى، 80 دولارا كحد أعلى)، بمعنى انخفاضه عن متوسط العام الأخير بنسب تراوح بين 40 في المائة إلى 20 في المائة. سيكون لهذا انعكاسه السلبي على إيرادات الميزانية العامة في جانبها النفطي، يقدر أن يصل للعام الجاري بانخفاض يصل إلى 7.1 في المائة مقارنة بالعام الماضي، فيما قد تصل نسبة تراجع إجمالي الإيرادات الحكومية للعامين 2015-2016 مقارنة بمستواها خلال 2014 إلى 26.2 في المائة و20.2 في المائة على التوالي.
هذا بدوره سيؤثر على نمو التدفقات الداخلة للحكومة ومن ثم للاقتصاد، إلا أن توافر أرصدة ضخمة لدى احتياطيات الحكومة ستعوض وتخفف من حدة تلك الآثار.
هذا بدوره سيؤدي إلى تراجع معدلات نمو السيولة المحلية إلى نصف مستوياتها المسجلة في الوقت الراهن أو أقل منها بقليل (المعدلات الراهنة: نمو السيولة 14.5 في المائة، نمو الودائع المصرفية 15.0 في المائة، نمو الائتمان المصرفي 12.2 في المائة).
في المجمل سيؤدي تراجع زخم السيولة المحلية، وتعدد بدائل زيادة الإيرادات الحكومية الأخرى، وانخفاض فاتورة الدعم الحكومي مع تراجع سعر النفط، وتراجع الأسعار العالمية بالنسبة لأغلب المواد والسلع الغذائية، إضافة إلى تحسن القيمة الحقيقية للريال، كل تلك المعطيات وغيرها ما لم يرد ذكره هنا إلى تراجع معدل التضخم، وهو ما سيصب في مصلحة أغلب الأفراد (المستهلكين)، والذي يجب أن يكون معلوما لديهم عبر مراقبة الإحصاءات الشهرية التي تصدرها مصلحة الإحصاءات العامة، وتنشرها أغلب وسائل الإعلام.
يمتد هذا الانخفاض ليشمل أسعار السلع والمواد الاستهلاكية (يجب على وزارة التجارة زيادة رقابتها على الأسواق المحلية)، كما سيشمل أسعار العقارات والأراضي، فدون النظر إلى الآثار المحتملة لإقرار الرسوم والغرامات على الأراضي المطورة داخل المدن المرتقب صدوره قريبا (قدرت دراسة وزارة الإسكان أثره بخفض الأسعار بما لا يقل عن 30.0 في المائة)، أقول دون الأخذ في الاعتبار بهذا القرار، يقدر أن تؤدي التطورات السابقة أعلاه (انخفاض سعر النفط، تحسن قيمة الريال) إلى تراجع الأسعار بما لا يقل عن 40.0 في المائة! وفي حال أضيفت آثار الرسوم والغرامات، وتدشين مشروعات وزارة الإسكان المعلن عنها، فسترتفع تلك النسبة لأكثر من 75.0 في المائة في منظور العامين المقبلين أو أقل.
هذا بدوره سيؤدي إلى مزيد من الانخفاض في تكاليف المعيشة، وتحديدا في انخفاض تكلفة الإيجارات السكنية والتجارية، التي بدورها ستسهم في تراجع أسعار السلع والخدمات، وبالطبع فهذا ينعكس سلبا على عوائد الاستثمارات العقارية التي دشنت خلال الخمسة أعوام الأخيرة، إلا أنه لن يتعدى أثره تقليص هوامش العوائد بالنسبة للاستثمارات العقارية الأقدم تأسيسا من ذلك التاريخ، وفي الوقت ذاته سيشجع انخفاض تكلفة الأراضي على زيادة التطوير العقاري، الذي سيستفيد بدوره من انخفاض تكاليف مواد البناء كما تبينه بيانات صندوق النقد الدولي (توقع انخفاض سعر الحديد على سبيل المثال للعام المقبل مقارنة بـ 2013 بنحو 37.5 في المائة)، وهذا ما سيعزز من فرص الاستثمار في القطاع، ويسهم في زيادة فرص العمل المثلى أمام الباحثين عنها، ويسهم لاحقا في تنفيس أزمة الإسكان المحلية، ويؤدي إلى توازن قوى العرض والطلب وفق أسعار عادلة وميسرة. وأكمل في المقال القادم بمشيئة الله. والله ولي التوفيق