لم تكن الجمعية العامة للأمم المتحدة ,ألمنظّمة التي ترقى بأعمالها إلى مستوى تطلعات الأمم والشعوب في حفظ السلم والأمن الدولي,وفي تنمية التعاون الدولي كما خطط لها ، إذ أن الجمعية العامة والتي تتألف من أكثر من مائة وأربعة وثمانين دولة ,قد أوكلت إلى مجلس الأمن القيام بالتبعات الرئيسية واتخاذ القرارات, واعتبرته الجهاز التنفيذي للجمعية العامة ,المادة/34 من الميثاق, والمادة/35 منه التي تلزم الأعضاء بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ، وقد استحوذ مجلس الأمن على اتخاذ القرارات والتدابير لحفظ السلم والأمن الدولي (المواد من40-42) من الميثاق وهذه التدابير والقرارات قد تكون كالتالي:
1.تدابير مؤقتة:مثل وقف إطلاق النار ,إقامة هدنه ,سحب القوات لمواقعها ,وقد يهمل مجلس الأمن أو يتغاضى عن تنفيذ مثل هذه القرارات (أمثال القرارات 242/338 المتعلقان بالقضية الفلسطينية ) .
2.قرارات بتدابير غير عسكرية: الحضر ألاقتصادي .وحضر الاتصالات ,وقطع العلاقات الدبلوماسية .وإحالة مجرمي الحرب إلى محكمة الجنايات الدولية ,وفرض عقوبات مختلفة .
3. قرارات بتدابير عسكرية: مثل الحصار العسكري,التدخل العسكري بقوات قتالية .
ويبرز العيب في مجلس الأمن من حيث ترتيب العضوية فيه ,وتركيبته الدولية, حيث يتألف من خمسة عشر عضواً , منهم خمس دول دائمة العضوية (ألولايات المتحدة,روسيا,بريطانيا ,الصين,فرنسا)وهي دول الحلفاء المنتصرة في الحرب العالمية الثانية ,وعشر دول غير دائمة العضوية .
والقرار في مجلس الأمن يتخذ بأغلبية ثلثي الأعضاء ,على أن يكون منهم الخمس دول دائمة العضوية ,وذلك في القرارات الموضوعية التي تتعلق في حفظ السلم والأمن الدولي وقرارات الردع والمنع وجرائم ضد الإنسانية والإحالة إلى محكمة الجنايات الدولية ,المواد (33-37),وبأغلبية ثلثي الأعضاء من بين جميع الأعضاء في المسائل الإدارية المواد (28-32)مثل موعد عقد اجتماعات المجلس وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية.وعليه فأن أي قضية تهدد الأمن والسلم ,العالمي أو أية جرائم ضد الإنسانية تقوم بها إحدى الدول دائمة العضوية أو الدول الحليفة لها, لا يمكن إصدار قرار ضد هذه الدول أو ضد حليفتها بسبب حق الاعتراض (الفيتو) ، لقد أسقطت الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية عشرات القرارات التي تخدم القضية الفلسطينية ,والشعب الفلسطيني ,وأسقطت حقوق هذا الشعب بسبب الاعتراض الأمريكي وبعض الدول الغربية ,والقرارات التي صدرت في هذه القضية غير ملزمة مثل القرارين(242و338)وقد ضاعت حقوق وأرض الشعب الفلسطيني في ظل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة منذ أكثر من ستين عاماً.
وما الوضع في سوريا إلا صورة مأساوية ومحزنة للمجتمع الدولي والأمم المتحدة ,حيث لم يستطع مجلس الأمن اتخاذ قرار ملزم ,بوقف التدمير والإبادة والمذابح وإحالة مجرمي الحرب إلى العدالة الدولية بسبب الموقف الروسي الذي تغول على مجلس الأمن وعطّل قراراته وافشل مهمته وتسبب في خراب سورية وإبادة شعبها ، والجمعية العامة لا تستطيع إجبار مجلس الأمن على اتخاذ قرار ما بل لها دور التوصية, وليس الإلزام. ولو أرادت الجمعية العامة للأمم المتحدة ,تعديل أو إلغاء حق الاعتراض (الفيتو),أو زيادة عدد الأعضاء دائمو العضوية ,أو تعديل طريقة التصويت في مجلس الأمن ,فأن ذلك لا يتم إلا بموافقة الدول الخمس دائمة العضوية والتي ستعارض مثل هذه الإجراءات المواد ( 106-108) من الميثاق.
إن الجمعية العامة للأمم المتحدة مرهونة بإرادة الدول الخمس دائمة العضوية ,وقد نأت بنفسها وأوكلت القرارات الهامة التي تحفظ الأمن والسلم العالمي وتحمي حقوق الشعوب وحريتها إلى هذه الدول ورغباتها ومصالحها,ومصالح حلفائها, وقد تعطلت فعالية الأمم المتحدة ودورها المنوطة بهِ في العالم. ولا يسع المجتمع الدولي ,إلا أن يعيد النظر في ميثاق الأمم المتحدة ومواده,وفي عضوية مجلس الأمن وطريقة التصويت فيه ,والتي تضمن عدم التحيز, وإحقاق العدالة ,وحفظ السلم والأمن الدولي, وهناك دول عديدة تستطيع أن تدخل مجلس الأمن ولها دور فاعل ومركز قوي في المحيط الدولي ، وإن موقف المملكة العربية السعودية موقف متقدم وجريء ,وعلى الدول العربية والإفريقية ,ودول أمريكا اللاتينية ,وشرق أسيا أن تسانده ,والوقوف في وجه تغول مجلس الأمن ,وتحيزه, وقهره للشعوب,وخطره على الأمن والسلم العالمي في ظل ازدواجية المعايير وضياع حقوق الشعوب.
النائب السابق بمجلس النواب الاردني