قال تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) من هنا كانت الرسالة الأولى من الله سبحانه وتعالى للإنسان وبها سبق العلم العمل، وهذا تبيان لفضل طلب العلم وأن الإسلام يحث على ذلك لذا فإن الله سبحانه وتعالى أطلق على الفترة ماقبل الإسلام الجاهلية قال تعالى: (أَفَحُكْمَ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍۢ يُوقِنُونَ). وبكرم الله وتوفيقه فقد كان العلم أساساً لكل نجاح منذ خلق البشرية حيث بدأ الله سبحانه وتعالى بتعليم سيدنا آدم عليه السلام قال تعالى: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ). ولم يبالغ الإسلام حينما قرن قيمة الدنيا وانخفاضها بدون العلم والعكس عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلٌم) وبهذا فقد رفع الإسلام قيمة ومكانة العلم والعلماء.
نعلم بأن الوصول الى الهدف يحتاج إلى مقومات هامه تساعدنا في تحقيق مرادنا وأنك أثناء مسيرتك ستتعرض إلى بعض المشاكل والعراقيل والتي قد يكون أحد أسبابها غوائل العلم وهذا ما سأتحدث عنه في هذا المقال.
قال الحافظ بن حجر رحمة الله: (العلم لا يودع عند غير أهله ولا يحدث به الا من يعقله، ولا يحدث القليل الفهم بما لا يحتمله). يقال بأن آفة العلم الفهم السقيم، ولكي نساهم في بناء مجتمع مثقف وأمه قادره على مواجهة الشدائد والصعاب فلابد أن نعي بأن التأني في إستقاء المعلومة ومن ثم تحليلها وتفسيرها ومعرفة المقصد والمغزى الحقيقي والذي يعتمد على عدة عوامل من ضمنها المكان والزمان ومناسبة هذه المقولة قبل الحكم على قائلها يدل على ثقافة ووعي مُتلقي هذه المعلومة وعكس ذلك يثبت لنا محدودية فهم وثقافة الشخص وهذا بدورة قد يُسبب تغير في الحقائق والمفاهيم التي قد تنتج عنها نتائج كارثيه ومصيريه لم تكن في الحُسبان.
قال الزهري: (إن العلم غوائل، فمن غوائله أن يترك العمل به حتى يذهب ومن غوائله النسيان ومن غوائله الكذب وهو شر غوائله).
إذاً فكما أن الفهم السقيم غائلة من غوائل العلم فإن هناك غوائل أخرى ومن ضمنها ترك العمل بما تعلمته والذي سيجعل هذا العلم ينجلى وكأنه لم يكن قال تعالى: (وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦۤ إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُكُمۡ أَن تَذۡبَحُوا۟ بَقَرَة قَالُوۤا۟ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواۖ قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡجَـٰهِلِینَ)، وقد كان رسول الله عليه وسلم يتعوذ من العلم الذي لا ينفع، حيث قال صلى الله عليه وسلم : (اللهم إني إعوذ بك من قلب لا يخشع ومن دعاء لا يُسمع ومن نفس لا تشبع ومن علم لا ينفع، أعو ذبك من هؤلاء الأربع) صحيح الترميذي.
ومن ضمن ما ذكره الزهري عن غوائل العلم النسيان والكذب فنسيان العلم وعدم نقله بطريقةٍ صحيحة يُذهبه ويُشتت أذهان متلقيه، أما الكذب والعياذ بالله، فبالكذب تتغير الحقائق وتنشب الخصومة وينمو الفساد.
أخيراً يقول خليفة المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
ليس الجمال بأثواب تزيننا
إنّ الجمال جمال العلم والأدب
وليس اليتيم من لا والدين له
إنّ اليتيم يتيم العلم والأدب
Twitter: @dr_alalim