شاء الله أن أسافر بالسيارة بعد أن سبق وأكدت الحجز و أنهيت الترتيب للسفر بالطائرة من الجبيل الصناعية إلى المدينة المنورة لحضور مناسبة عائلية وذلك برفقة أصدقاء ملهمين نتج عن صحبتهم هذا المقال فقد كان أحدهم حديث عهدٍ بالتمدن حيث كان يعيش بدوياً في الصحراء مُجابها طبيعتها وظروفها القاسيه مابين رعي الغنم والعيش بكل بدائيات الحياة البدوية مع والده وأسرته قضى طفولته ومعضم شبابه بين أحضان صحراء هذا الوطن الغالي فأنصت له ومعنا صديق آخر كنا ثلاثة فشدنا الحديث وأمتدت تفاصيله عن كيف كانوا يعيشون ويرتحلون وما عانوه في ذلك الوقت ونحن نسمع ونقارن في أنفسنا بين الماضي والحاضر من بداية الرحلة إلى نهايتها ومن الجميل أننا في طريقنا مررنا على عدد من الأماكن التي سبق وأن نزل بها هو وأسرته في ذلك الوقت ولكن هذه الأماكن التي نمرها قد صارت محافظات ومدن فكأن مايرويه من الماضي أشبه بصورة سوداء وما نشاهده الان صورة بكامل جمال تفاصيلها وألوانها الجميلة !! . ولسان حالنا طوال الرحلة الحمدلله إين كنا ؟ وكيف صرنا ؟ وبعجب يعلوا وجوهنا لهذه السرعه في التحول .
وبعد هذه الرحلة بأسبوعين تعرفت بالمصادفة الجميلة وأنا عائداً من جده إلى الدمام وهذه المره بالطائرة بأحد المثقفين والمهتمين بالتاريخ على نفس الرحلة فأخذتنا الأحاديث ليذكر لي متفاخرا ومعتزا بأن جده لوالده كان قد رافق الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله في عدد من رحلاته ويذكر لنا تفاصيل تلك الفتره التي كان يقصها له جده وحرص ولاة الأمر وقادة هذا الوطن من بداياته على كل ماينفع الوطن والمواطن ويعود عليهم بالنفع والرخاء فمن المواقف التي قصها له جده مع الملك سعود أنه طالب بفتح مدرسة في قريتهم التي تقع في غرب جده وقدم معروضا شخصيا لجلالة الملك ووضح فرحة الملك سعود رحمه الله بذلك الطلب لإيمانه بالتعليم ودعمه له فكان الأجداد هم خير قدوة بالولاء والمحبة لقادة هذه الدولة من تأسيسها لكونهم هم أكثر من عرفوا الفرق بينا ماقبل ولايتهم ومابعدها وذكر لي رفيق الرحلة أبو سعيد وهو من أهل الحجاز أنه قد سأل جده في أحد المرات لماذا حرصوا حكام هذه الدولة على التعليم وإنشاء المدارس في بداية تأسيس هذه الدولة فكان الجواب : لأنهم يحبوننا .
هذه المشاعر الزاخره بالفخر والإعتزاز والحب قادتني لتذكر حديث دار بيني وبين أستاذي وقدوتي عبدالله بن ناصر العسكر سعادة محافظ الجبيل عندما روى لي قصته مع أحد الوفود الأجنبيه أيام ماكان في معهد الإدارة بالمنطقة الشرقية قبل أكثر من عشرين سنه حيث لفت نظره أحد أعضاء الوفد سارحاً بعيدا عنهم وهم في خضم إجتماع رسمي ! وبعد أن أنتبه بين هذا الضيف إعجابه بما وصلت له السعودية بذلك الوقت في ظرف سنوات عديده من توحيدها وذهب بعيدا في تأمل أين ممكن قد تصل له بهذه القفزات السريعه مستقبلا ؟ وقد روى لي سعادته هذه القصة في سياق حديث عن أهمية معرفة الشباب بالتاريخ وماضي هذا البلد الطاهر إين كان وكيف كان أجدادهم يعيشون ؟
السعودية أين كانت ؟ وإلى أين وصلت بهذا الوقت الوجيز ؟ جواب هذا السؤال هو مصدر فخر وإعتزاز لكل من ينتمي لهذا الوطن . فالسعودية تظل أنموذجا فريدا من نوعه بين جميع دول العالم الإسلامي والعربي بل والعالمي في القرون الأخيره لأمور عديده وهذا هو مايثير حفيظة الأعداء والحقد لدى الحاسدين كيف أستطاعت المملكة العربية السعودية أن تقفز بمكانتها وشعبها في مصاف الدول العالمية لتكون أمة سعودية تقود الأمة العربية والإسلامية وتأثر في العالم بهذا الوقت الوجيز ليأتي أبنائها وشعبها بعد أن كان أجدادهم وماضيهم بدو رحل حفاة فرق شتى إلى شعب يفاخر بأبنائه وقادته في شتى المجالات والميادين يحققون النجاح ويحصدون المجد ويتجاوزون من كان قبلهم بمئات وآلاف السنين ليتسيدوا على قمة المجد والعز والشموخ بل لتصبح السعودية قوة ضاربة في أحقاق الحق ونصرة المظلوم وتقديم العون لكل من يستجير بها وحفظ الأمن والأستقرار لشعوب دول الجوار .
السعودية قصة عظيمة لتروى لأبنائها من الجيل الحالي ليعلموا بأي خير ورغد يعيشون بعد ماعانا أجداداهم ومن كان قبلهم من سكان الجزيرة العربية مما عانوه قبل أن يوفق الله بعونه قادة هذه الدولة لتوحيدها تحت راية التوحيد وعلى حكم القران وسنة وهدي الرسول المصطفى محمد بن عبد الله ليجمعوا فرقتهم ويلتفوا حول الإمام المؤسس عبد العزيز – رحمه الله – وقبله أبائه وأجداده بعد أن مرت على الجزيرة والبلاد العربيه 4 قرون تحت حكم العثمانين بعد ما استغلوا واعتمدوا على عامل الدين ليبسطوا حكمهم الذي امتد دون أن يفتحوا حتى مدرسة واحدة وهذا دلالة على عدم إكتراثهم إلا لمصالحهم وقهر من كان تحتهم ليعشوا بجهلهم طوال فترة حكمهم .
السعودية : قصة كفاح ونضال بعزم وبأس لامثيل له ودروس وعبر تخط بماء الذهب لمن كان له عقل فمن المؤسف أن ترى من أبناء هذه البلد ممن وقعوا في شر ضعفهم وجهلهم ممن يسموا أنفسهم معارضون وحقوقيون وهم ليسوا إلا أداة بيد أعداء هذا البلد وقادته وشعبه يستغلوهم كيفما شاوا ؟عقوق وأي عقوق لوطن الأباء والأجداد . والأشد ذلك الجحود عند كثير عندما يأتيك من سفرة من هنا أو هناك ويقعد يقارن سلبا وظلما بين مايجده بوطنه وما شاهده هناك ! متناسيا أنه يقارن بين دولة حديثه وبين دول من مئات وآلاف السنين منكرا التنمية والتطور ونجاح وطنه بما وصل إليه قياسا بتاريخه ولكل دولة ظروفها ومعاييرها التي من الإجحاف مقارنتها بغيرها لاتقارن دول ذات مساحة محدوده بدولة متسعة الأرجاء ولا بدولة محدودة الشعب والثقافة بدولة متعددة التقاليد والثقافات .
من المهم أن يعي أبنائنا وبناتنا تاريخ وطنهم وكيف كان يعيش الأباء والأجداد ؟ ليعوا حجم الخير الذي هم فيه ليحافظوا على هذا الوطن ويقدروا إنجازاته ومكتسباته ويكملوا المسير بكل فخر وإعتزاز متحدين في وجه الأعداء الذين يعملون ليل نهار يشنون الحملات المعاديه والهجمات المتتابعه بشتى مايجدونه من وسائل مستغلين كل من يجدونه أمامهم في تحقيق مايمنون أنفسهم به من زعزة أمن وأستقرار هذا الوطن فأعينهم التي تترقبنا بكل صغيرة وكبيره بحثا عن مايشفي مافي نفوسهم من غل واحقاد .
هذه الدولة قامت على شرع الله ونصرت أهل الدين فكانت خير عون لمحمد بن عبدالوهاب في دعوته الذي جاءت مبادئه في إصلاح المفاسد ونشر العقيده الصافيه بين البوادي بعد ما رآه من أحوال المسلمين في عصره من بدع وخرافات ألصقت بالدين وأصبحت تحيط بالدين مظاهر الوثنية والشرك فأخذ بنبذ هذه البدع وناصرت هذه الدعوه الدولة السعودية بفتراتها إلى أن أعلت كلمة التوحيد راية لها ووحدت الجزيرة العربية من شمالها إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها وعم الخير ربوعها وأتحد الشعب بالولاء والمحبة لهذه الاسرة المباركة التي بعون الله وهبها الحكم في أطهر بقاعه في الأرض وحماية مقدساتها ومقدراتها . فمن كلمات الإمام المؤسس الملك عبد العزيز – رحمه الله - : إنني خادم في هذه البلاد العربية لنصرة هذا الدين وخادم الرعية ، إن الملك لله وحده وما نحن إلا خدم لرعاينا . بهذه المبادئ واستشعار الأمانة والقيم الرفيعة العظيمة قامت أركان السعودية وسارا عليه قادة هالوطن الغالي .
عزيزي القارئ : أسمح لي بعد أن ذهبنا في هذا المقال من الحاضر إلى عشرات السنين في الماضي القريب أن نعود ونتجاوز الحاضر لنتأمل بمثل هذه القيادة ونهجها القويم والجهود العظيم وبحفظ الله وعونه و وحدتنا وعزم وطموح شعب يعانق السحاب ويتجاوزه وبتكاتفنا ووحدتنا ضد التحديات وفتن الأعداء كيف سيكون المستقبل لنا ولـ الأجيال القادمة بإذن الله ؟