عزيزي القارئ : قبل التطرق إلى مضمون المقال إسمح لي بأخذك في لمحة مختصرة وسريعة لـ تاريخ مكة المكرمة كانت مكة موجودة قبل قيام النبي إبراهيم والنبي إسماعيل – عليهم السلام – برفع أساسات الكعبة المشرفة فيرجع تأسيس مكة إلى أكثر من 2000 سنة قبل الميلاد في العصور المبكرة حيث كانت مكة في بدايتها عبارة عن بلدة صغيرة سكنها بنو آدم إلى أن دمرت هذه البلدة أثناء الطوفان الذي ضرب الأرض في عهد النبي نوح – عليه السلام – وأصبحت المنطقة بعد ذلك عباره عن واد جاف تحيط به الجبال من كل جانب وبدأ الناس بالتوافد عليها والاستقرار بها في عصر النبي إبراهيم والنبي إسماعيل – عليهم السلام – وذلك عندما تفجر بئر زمزم عند قدمي النبي إسماعيل –عليه السلام- بعد ماترك النبي إبراهيم زوجته هاجر وولده إسماعيل في هذا الوادي الجاف والقصة معروفه إمتثالاً لأمر ربه وبعد ذلك جاء ركب من قبيلة جرهم فسكنوا مكة وكانوا أول أناس يسكنون بكة وقامت قبيلة جرهم خلال فترة حكمهم لمكة ( بدفن بئر زمزم ) و ( أكل مال الكعبة الذي يهدى إليها ) ..و استمرت قبيلة جرهم في مكة حتى نهاية القرن الثالث الميلادي عندما استطاعت قبيلة خزاعه السيطرة عليها وتولي أمرها وطرد قبيلة جرهم منها .. استمرت خزاعة في مكة مايقارب ثلاثمائة سنة ( وقام سيدها عمرو بن لحي بعبادة الأوثان فكان أول من غير دين النبي إبراهيم – عليه السلام – وعبد الأوثان في جزيرة العرب .
أنتقل أمر مكة بعد ذلك من يد خزاعة إلى قريش تحت أمرة قصي بن كلاب ( جد النبي محمد صلى الله عليه وسلم الرابع ) .. وتوالت قيادة مكة فيهم إلى أن تولى القيادة عبد المطلب بن هاشم الذي قام بحفر بئر زمزم مرة أخرى .. وفي ذلك الوقت كان إبرهة الحبشي ملك اليمن قد بنى كنيسة القليس ليحج إليها الناس جميعا ، فلما لم يجد إقبالا على هذه الكنيسة ، خرج بجيشه المكون من الفيله يريد تدمير الكعبة ليجبر العرب على الحج إلى كنيسته والقصة معروفه فقد أنزل الله عليهم طيورا أبابيل تحمل معها حجارة من سجيل فدمرت أبرهة وجيشه وعرف هذا العام بعام الفيل وهو العام الذي ولد فيه النبي محمد صل الله عليه وسلم .
وبعدها تتوالى العصور والأزمان .. العصر النبوي وبعده العصور الوسطى إلى العصر الحالي العصر الحديث . في العصور الوسطى مرت أم القرى بمرحلة من الإستقرار منذ بداية خلافة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب – رضي الله عنهم – وأنتهت بإغتيال عثمان بن عفان عام 35هـ ( 655م) وبدأت مرحلة عدم الإستقرار ومرت بكثير من الفتن والحروب ولعل أبرز الأحداث التي مرت بها مكة في هذه الفترة هي أستيلاء القرامطة عليها وسرقتهم للحجر الأسود عام 317هـ (929م) وتم إعادته عام 330هـ(914م) وتوالت الدول السيطرة على مكة على مر الأزمان وصولا إلى حكم الأشراف لمنطقة الحجاز بما فيها مكة ( وهم أمتداد لحكم العثمانيين ولكن بسياسة جهلها كثير ) حتى قيام الدولة السعودية الثالثة على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عام 1351هـ (1932م).
فبدأت مكة البلد الأمين و الحرميين الشريفين عهداً لامثيل له في تاريخ مكة حيث أهتم القادة السعوديين منذ عهد الملك المؤسس – طيب الله ثراه – بتطوير مكة وتوسعة وتحسين الحرمين الشريفين وجهود الملوك من أبناء الملك عبد العزيز الى عهد ملك الحزم خادم الحرميين الشريفين الملك سلمان في العناية والإهتمام وتطوير الحرمين الشريفين لا يتسع المقال لذكرها فالجهود واضحة للعيان ولمن يريد أن يقر بذلك ولكن الحاقدين والحاسدين أجبن من أن يقروا بذلك فما تقدمه المملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين وخدمة الحجاج من ضيوف الرحمن وزورا الحرمين لا تستطيع أن تقوم به أي دولة أخرى وليسير الحاج والمعتمر آمن مطمئن في السعودية بين حكومة وشعب يتشرفون ويفخرون ويبذلون جل الجهود لخدمة ضيوف الرحمن .
بدات بإستعراض هذه التفاصيل التاريخيه لنعي جميعا أنه لطالما كانت مكة ومقدساتها مطمع لأهل الهوى والظلال والفساد والمفسدين وأهل التعصب والمصالح فعلى مدى التاريخ سعت كثير من الدول المعاديه والفرق المتطرفه الى المؤامرات والدسائس بكل دنائة متجاوزين حرمة المكان والزمان أعمتهم أحاقادهم وشرورهم عن ذلك ليحاولوا ويعيدوا المحاولات مرارا وتكرارا في محاولات فاشلة ويائسة لـ التشكيك بقدرة السعودية حكومة وشعبا في القيام بدورهم ومسئوليتهم والأمانة التي وفقهم الله عزوجل لها تجاه بيته العتيق وحرمه الشريف وخدمة ضيوفه من الحجاج والمعتمرين لأهداف ونوايا دنيئة وأطماع دفعتهم إلى أستباحت الحرمات والمقدسات وقتل الانفس وتعكير صفو الحج في سبيل مطامعهم ولكن لطالما ولا زالت بعون الله السعودية بقيادتها وأجهزتها المعنيه ورجالها البواسل وشعبها بالمرصاد لهؤلاء الظالين المرتزقه ومن خلفهم .
فأصبحت قضية الحج ورقة مستهلكة تتكرر كل عام وحيلة العاجزين من الحاقدين ومن امتلئت قلوبهم غلً وسوءاً من نجاحات السعودية المتتالية والجهود المميزة في خدمة حجاج بيت الله الحرام وزوار الحرمين الشريفين عاما بعد عام لاتبتغي من وراء ذلك إلا الأجر والثواب من رب العالمين وأداء الأمانة والمسئولية التي وفق الله المملكة العربية السعودية لحملها حكومة وشعبا .
فلا يجهل جاهل علينا أو يدندن حاقد بوتر أن السعودية لم تحظى بمكانتها الإسلامية إلا بسبب وجود فقط الحرمين الشريفين ومكة المكرمة مهبط الوحي هذا لا شك فيه أمر محل فخر لكل سعودي ولكن الأهم أن يعي الجميع أن السعودية كسبت تلك المكانة الإسلامية والعربية والعالمية لمواقفها المشرفة ودورها العظيم وجهود قيادتها الحكيمة والعادلة والحازمة في خدمة الإسلام وقضاياه وقيامها بالأمانه والمسئولية التي وفقها الله لها بإدارة الحرمين الشريفين على أكمل وجه وبكل إقتدار و تميز .
وكل عام تجدد المملكة العربية السعودية ترحيبها وتقديم كافة التسهيلات والخدمات لجميع قاصدي بيت الله الحرام للحج أو العمرة دون تمييز ولا تتدخر جهدا او سبيلا لأمن وراحة وسلامة ضيوف الرحمن ولا تهاون بذلك فأمن الحاج والمعتمر هو من أولويات السعودية .
عزيزي القارئ :
لو تاملت بتاريخ مكة وقرأت عن بعض الاماكن المقدسة لجماعات ومذاهب شتى لوجدت منكرات وطقوس وتسلط جماعاتها حولها .. ولكن بتوفيق الله وعونه ظلت مكة المكرمة والحرمين الشريفين في ظل السعوديه نموذجا رائعا للتسامح والتعايش والمساواه بين الجمع شتى والتطور بكافة الخدمات والمرافق عاماً بعد عام رغم ماعانته السعوديه من محاولات تهدف إلى الإساءة بحقها ظلت تكبر وتعظم عن كل إساءه ثابته على نهجها القويم في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديه وتاديت أمانتها العظيمة الجليلة .